مسلم بحضرته من أكلها؛ وإعطائها الأسرى الكفار الذين يأكلون الميتة ولعلهم كانوا في ضرورة، وهذا أبين دليل على تحريم أكلها على أهل الإسلام، فكيف وهو خبر لا يصح؟ ! .
فاحتجوا به فيما ليس فيه منه شيء، وخالفوا فيما فيه، وهم لا يكرهون ما ذبح السارق والغاصب أصلا؛ ولا يحبون لأحد تركه تورعا؛ بل هو عندهم وما ذكاه مالكه سواء.
واحتجوا في إباحة الخمر المسكرة بأخبار واهية، ثم ليس فيها شيء مما ذهبوا إليه، وخالفوا نص ما فيها، لأن نصها أنه عليه السَّلام دعا بماء فصبه على ذلك النبيذ الشديد من الزبيب وشربه، ثم قال: "ما اغتلم عليكم منها، فاكسروا متونها بالماء" (١).
وهم لا يقولون بهذا أصلا، بل هو حرام عندهم ما لم يطبخ، وإن صُبَّ عليه الماء، وأحلوا المسكر من نبيذ التمر إذا طبخ، وليس هذا
(١) أخرجه النسائي في الأشربة (٢/ ٣٣٢)، عن عبد الملك بن نافع قال: قال ابن عمر: رأيت رجلا جاء الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدفع اليه قدحا فيه نبيذ، فوجده شديدا، فرده عليه فقال رجل من القوم: يا رسول الله أحرام هو؟ فعاد، فأخذ منه القدح، ثم دعا بماء، فصبه عليه، ثم رفعه إلى فيه، فقطب، ثم دعا بماء آخر، فصبه عليه ثم قال: "إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية، فاكسروا متونها بالماء". قال النسائي: وعبد الملك ابن نافع غير مشهور، ولا يحتج بحديثه، والمشهور عن ابن عمر خلاف هذا. قال الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٣٠٨): "وقال البيهقي: هذا حديث يعرف بعبد الملك ابن نافع، وهو رجل مجهول، اختلفوا في اسمه، واسم أبيه، فقيل هكذا، وقيل، عبد الملك بن القدقاع؛ وقيل: مالك بن القعقاع". وانظر: المحلى (٧/ ٤٨٣ - ٤٨٤) فقد ساق المؤلف هذا الحديث وتكلم عليه بكلام فصل.