{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١) وقال في موضع آخر {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٢) ولم يذكر عدلًا فلا يجوز إلا عدل، كذلك تكون مسلمة.
وجه الأولى: أن المطلق لما كان المراد بظاهره معلومًا وجب أن يحمل على ما وضع له في اللغة والشريعة ولا يعدل به إلا بدليل.
ووجه الثانية: أن العرب قد تذكر الشيء مقيدًا ثم تذكره مطلقًا إكتفاء بذلك المقيد، نحو قوله -تعالى- {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} (٣) ومعناه والحافظات فروجهن، وقوله {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} (٤) ومعناه والذاكرات اللَّه، وقوله {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} (٥) ومعناه عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، وقال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راضٍ والرأي مختلف
ومعناه نحن بما عندنا راضون، وقال آخر:
وما أدري إذا يممت أرضًا ... أريد الخير أيهما يلينى
أألشر الذي أنا أتقيه ... أم الخير الذي لا يأتليني
يعني أريد الخير وأتوقى الشر فاكتفي بذكر أحدهما عن الآخر ولأن في بناء المطلق على المقيد تخصيص ما يتناوله اللفظ والتخصيص جائز فهو كما قلنا في العموم والخصوص فإنه يخص العموم بالخصوص كذلك هاهنا.
(١) سورة الطلاق ٢.
(٢) سورة البقرة ٢٨٢.
(٣) سورة الأحزاب ٣٥.
(٤) سورة الأحزاب ٣٥.
(٥) سورة ق ١٧.