التواتر 123/ب فكان وقوع العلم به تابعاً للعادة.
يبين صحة هذا أن الله تعالى قد أجرى العادة ممن يدرس الشيء ليحفظه إذا كرر الدرس، وكذلك أجرى العادة في السكر عند تكرار الشرب.
واحتج المخالف:
بأنه لو كان خبر التواتر يوجب العلم ويقطع العذر لوجب أن لا تنكر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأنكم تعلمونه بنقل تواتر، فلما لم تثبتوا نبوته قطعاً بطل أن يكون التواتر موجباً للعلم.
والجواب: أنه إنما لم تثبت نبوته قطعاً؛ لأنها لم تثبت ضرورة، وإنما عرفت بالاستدلال القوي، وهو الآيات والمعجزات على يده، ونقل إلينا ذلك نقلاً، فلذلك (1) لم تثبت ضرورة، لا لمعنى يعود إلى الأخبار.
وجواب آخر أجود من هذا وهو: أن ردهم للخبر لا يدل على أن العلم لم يقع به، بدليل أنهم شاهدوا معجزاته وعاينوها وردوها، ومعلوم أن العلم يقع بالمشاهدات، ومع هذا فقد ردوها، وكذلك الخبر عنه.
واحتج: بأن اليهود تخبر بأن موسى عليه السلام قال: شريعته مؤبدة، وهم عدد كثير وجم غفير، ولا يقع العلم بخبرهم، والنصارى تخبر بقتل المسيح عليه السلام وصلبه، ولا يقع العلم بخبرهم.
والجواب: أن النصارى عدد يسير أخبروا بمشاهدة قتله، وكانوا قد شبه لهم. ويجب أن يكون أولهم وآخرهم ووسطهم سواء في النقل، والعدد الكثير إذا رووا عن عدد قليل، فإن العلم لا يقع بصحة المخبر عنه.
وأما خبر اليهود فكذلك أيضأ؛ لأن "بُخْتنصّر" (2) قتلهم، فلم