قيل: هذا متواتر من طريق المعنى، وقد بيناه.
وعلى أنه مع كثرته، لا يجوز أن يكون جميعه باطلاً، كما لا يجوز أن يقال: جميع ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجوز أن يكون خطأ، وكما لا يجوز أن يقال: إن الجماعة الكثيرة من المسلمين لا يجوز أن يكون جميعهم كَذَبَة في خبرهم، مع اعتقادهم الإسلام.
فإن قيل: يجوز أن يكون حكموا بهذه الأخبار مع سبب قارنها أوجب العلم بصدقها.
قيل: لم يرد غير الأخبار ورجوعهم إليها، فدل على أنه كان سببها.
ولأنه لا يجوز أن ينقل الخبر ويترك السبب الذي لأجله حكموا به.
وعلى أن ابن عمر قال: فتركناها لقول رافع.
وقال عمر: لو لم نسمع هذا؛ لقضينا برأينا. فدل على أن القضاء بالخبر حصل.
فإن قيل: فقد روي عنهم: أنهم ردوا خبر الواحد ولم يقبلوه حتى انضاف إلى المخبر غيره.
فروي عن أبي بكر في قصة الجدة: فيكم من سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئأ، فأخبره المغيرة بن شعبة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطعمها السدس) (1) فقال أبو بكر: من يشهد معك؟ فقال: محمد بن مسلمة: أنا، فلما كملا شاهدين عمل بقولهما.