الآحاد حفظنا الحقوق والدنيا معاً، فكان حفظهما أولى من تضييع أحدهما، كذلك الأخبار.
فإن قيل: قولكم: لا بد من قبول خبر الواحد، غير مُسَلم، فإن منه ألف بدٍ، وذلك أن العمل في أحكامنا على ما ثبت قطعاً، وهو القرآن وخبر المتواتر، وما لم نجده فيهما بنيناه على الأصل في العقل.
قيل: فعلكم هذا ترك للشريعة.
وعلى أن في الأحكام ما لا يعرف بالعقل ولا بالعمل على ما كان في الأصل، كالدية على العاقلة، ونحو هذا، فبطل أن لا يعمل على خبر الواحد.
ولأن خبر الواحد لو كان مما لا يوجب العمل، لوجب أن ينكر على من يحفظه ويكتبه ويدونه؛ لأنه لا فائدة فيه، كمن كتب ما لا يفهم، ويحفظ ما لا ينفع، فإن كل واحد ينكر عليه ويسفهه، فلما لم نجد أحداً من سلف هذه الأمة وغيرهم أنكر هذا، ثبت أنهم إنما أقروا عليه لهذه الفائدة التي ذكرنا.
فإن قيل: فالناس ينقلون اللغة ويكتبونها، ولا يستفاد منها حكم.
130/أ قيل: لا ينقل إلا لفائدة، وهو يتأدب بها ويعرف، وكذلك الخبر لا فائدة في نقله غير العمل بموجبه والمصير إلى حكمه.
ويختص من اعتبر رواية اثنين بأنه خبر عن حكم شرعي، فوجب أن لا يعتبر في العدد قياساً على الفتيا، وما لا يشثرط في قبول قول المفتي لا يشترط في قبول قول النبي، أصله: الذكورية والحرية والنسب.
واحتج المخالف:
بقوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (1) ، وقوله