فأما إن سبّح به اثنان، كان قولهما أولى من ظنه، وليس كذلك أخبار الديانات؛ لأنه ليس عنده ما يخالف خبره، فلهذا وجب قبوله.
واحتج: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتصر في الإشهاد على عقوده على (1) اثنين، فدل على أن الواحد غير مقبول.
والجواب: أنه لم يشهد على عقوده النساء والعبيد، ولم يدل ذلك على امتناع قبول خبرهم.
واحتج: بأنه لا يقبل قول من ادعى أنه نبي إلا بحجة توجب العلم.
والجواب: أنه إنما لم يقبل قوله؛ لأنه لا دليل معه على وجوب قبول قوله والعمل به، وليس كذلك خبر الواحد في الأحكام، فإن عليه دليلاً يوجب قبول قوله والعمل به.
واحتج: بأنه لا يقبل في أصول الديانات، كذلك في فروعها.
والجواب: أن هذا يبطل بشهادة الشاهدين، وبقول المفتي يقبل في فروع الدين، وإن لم يقبل في أصوله.
130/ب وعلى أنه يعمل بخبر الواحد في كل حكم لا دليل عليه يوجب العلم ويقطع العذر.
وأما الحكم الذي عليه دليل موجب للعلم، فلا يعمل فيه بخبر الواحد لأنه إذا أمكن الوصول إليه من طريق العلم، لم يجز من طريق الظن، وليس كذلك في هذه الأحكام الشرعية، فإنه لا طريق إليها من جهة العلم، ففرض علينا الحكم بخبر العدل الذي ظاهره الصدق، كما يقول المخالف في الحكم بالشهاة والفتيا، ولأن ذلك يتضمن نقل ملة إلى أمة (2) ، فاحتاج إلى معرفة ذلك قطعاً.