تجوز الرواية بالإجازة والمناولة والمكاتبة، سواء قال حدثني به إجازةً أو مناولةً أو مكاتبةً، أو لم يقل ذلك.
وحكى أبو سفيان عن أبي بكر الرازي أنه قال: إن قال الراوي لرجل: قد أجزت لك أن تروي عني جميع ما في هذا الكتاب، فاروه عني، فإن كانا عَلِمَا ما فيه جاز له أن يروي عنه، فيقول: حدثني فلان، وأخبرني فلان، كما أن رجلاً لو كتب صكّاً، والشهود يرونه، ثم قال لهم: اشهدوا علىّ بجميع ما في هذا الكتاب، جاز لهم إقامة الشهادة عليه بما فيه.
وأما إذا لم يعلم الراوي ولا السامع ما فيه، فإن الذي يجب على مذهبنا: لا يجوز له أن يقول: أخبرني فلان، كما قالوا في الصك، إذا أشهدهم وهم لا يعلمون ما فيه لم تصح الشهادة، وكذلك إذا قال له: قد أجزت لك ما يصح عندك من صك فيه إقراري، فاشهد به علىّ، لم يصح.
قال: وإن علم المكتوب إليه أن هذا كتاب فلان إليه، جاز له أن يقول: أخبرني 148/أ فلان، يعني الكاتب، ولا يقول حدثنا.
دليلنا على جواز الرواية في الإجازة والمناولة والمكاتبة على الوجه الذي ذكرنا:أنه ليس فيه أكثر من أنه لم يوجد من المحدث فعل الحديث، وهذا لا يمنع الرواية عنه، كما لو قرئ عليه الحديث فأقر به، فإنه لم يوجد منه فعل الحديث، ومع هذا فإنه تصح الرواية عنه، كذلك ها هنا.
فإن قيل: هناك وجد منه ما هو في حكم الحديث، وهو إقراره به.
قيل: إقراره به ليس من فعل الحديث من جهته، وإنما هو إقراره بأنه سماعه، وهذا المعنى موجود ها هنا.
ولأن أمر الأخبار مبنى، على حسن الظن والظاهر، ولهذا قبل فيها