في المتولد من بين ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل، وبين من يباح مناكحتهم ومن يحرم، والمذكي بمن تباح ذكاته ومن لا تباح.
وقد أومأ أحمد رحمه الله إلى هذا في رواية إسماعيل بن سعيد في الأمر المختلف فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعلم ناسخه من منسوخه: نصير في ذلك إلى قول علي نأخذ بالذي هو أهنأ وأهدى وأبقى.
واختلف أصحاب أبي حنيفة: فذهب الكرخي والرازي إلى مثل قولنا.
وذهب عيسى بن أبان: إلى أنه لا يرجح بمثل هذا، ويتعارضان ويسقطان ويصيران كأنهما لم يردا، ويرجع في حكم الحادثة إلى غير هذا الخبر.
واختلف أصحاب الشافعي أيضاً على نحو ما ذكرنا من الاختلاف.
ومن قال: لا يرجح بالحظر احتج:
بأن تحريم المباح كإباحة المحظور، فلم يكن لأحدهما على الآخر مزية.
والجواب: أنه يبطل بالأصول التي ذكرناها، وهو المتولد من بين المباح والمحظور، فإن الحظر غلب الإباحة، وإن كان هذا المعنى الذي ذكره موجوداً (1) ؛ فلأن تحريم المباح كإباحة المحظور فيما تثبت إباحته، وها هنا ما ثبتت إباحته.
ولأن للحظر مزية، ألا ترى أنه يحكم به، وإن كان لم تكمل شرائط الحظر، والمباح لا يحكم به، حتى تكتمل جميع شرائطه، وبيان هذا: