وجواب آخر، وهو: أن (1) اتباع غير سبيل المؤمنين لو لم يكن محرماً بانفراده لم يحرم مع مشاقة الرسول كسائر المباحات، ألا ترى أنه لا يجوز الجمع بين القبيح والمباح في باب الوعيد، فلما جمع تعالى بين مشاقة الرسول وبين ترك اتباع سبيل المؤمنين في الوعيد علم أن كل واحد منهما يقتضي الوعيد.
فإن قيل: فالمؤمنون لا يعرفون بأعيانهم؛ فلا يصح الاحتجاج به.
قيل: إذا أجمع الكل دخل المؤمنون فيهم؛ لأن من أظهر الإِيمان وجب أن يحكم بإيمانه، ولا اعتبار بما غاب عنا من اعتقاده، فإذا كان كذلك سقط السؤال.
فإن قيل: ذكر (المُؤْمِنِينَ) بالألف واللام، فاقتضى جنس المؤمنين إلى يوم القيامة.
قيل: لا يجوز أن يريد به جميعهم، لأن التكليف في ذلك يكون يوم القيامة ولا تكليف في الآخرة، فعلم أن المراد به بعض المؤمنين، وإذا كان المراد به البعضَ، فقد أجمعوا على أنه لم يرد ما زاد على أهل العصر، فكان (2) المراد به أهل العصر.
ولأن من 160/أ لم يخلق لا يسمى مؤمناً، ومن خلق ومات فلا يسمى مؤمناً حقيقة، وإنما كان مؤمناً.
جواب آخر، وهو: أن الآية أريد بها بعض المؤمنين؛ لأنه توعد من خالف سبيلهم، فاقتضى ذلك أن يكون هناك متوعد غير الذين يخالف سبيلهم.
فإن قيل: الوعيد على ترك سبيل المؤمنين فيما صاروا به مؤمنين، وهو