صرنا إليه، لم يكن إجماعاً (1) .
وفائدة الخلاف: من قال: لا يعتبر انقراض العصر عليه، يقول: لا يسوغ أن يرجع الكل عما أجمعوا عليه، وإن رجع واحد منهم ساغ رجوعه، لكنه محجوج بقول الباقين. وإذا حدث من التابعين من هو من أهل الاجتهاد فخالفهم لم يكن خلافه خلافاً.
ومن قال: يعتبر انقراض أهل العصر، يقول: يجوز أن يرجع الكل عن ذلك القول إلى غيره، ويرجع الواحد منهم عن القول معهم، فيكون خلافه خلافاً ويسوغ للتابعين مخالفتهم، فيكون خلافهم (2) خلافاً.
والدلالة على اعتبار انقراض العصر:
قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمَّةً وَسَطَاً لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكَونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (3) .
فوجه الدلالة: أنه جعلهم شهداء على غيرهم، ولم يجعلهم شهداء على أنفسهم.
ومن قال لا يعتبر انقراض العصر لا يجوز رجوعهم عما أجمعوا عليه، فيكون قولهم حجة على أنفسهم.
فإن قيل: ليس في الآية ما يمنع كونهم شهداء على أنفسهم، وإنما فيها إثبات كونهم شهداء على غيرهم.
قيل: لما غاير بينهم وبين غيرهم، فجعلهم شهداء على غيرهم، وجعل الرسول شهيداً عليهم، ثبت أن حكمهم مخالف لحكم غيرهم.