فلا يجوز الاعتداد به.
فإن قيل: قد لا يختار المعصية فيما يدخل به في جملة المجمعين، وإن كان قد يختار ذلك في غير باب الإجماع، ألا ترى أن الدلالة قد دلت على امتناع وقوع الخطأ من الأنبياء عليهم السلام فيما هم حجة فيه، وإن كان يجوز وقوع الخطأ الصغير منهم في غير ما يؤدونه إلينا.
قيل: فيجب أن يقبل خبر الكذاب؛ لأنه يجوز أن لا يختار الكذب فيما يرويه، وإن كان يختار ذلك في غير باب الأخبار، ولا يشبه هذا الأنبياء؛ لأنهم معصومون في الرسالة.
وأيضاً: فإن كونهم في جملة المجمعين يقتضي مدحهم وتعظيمهم، وكونهم من أهل الفسق والضلال يقتضي ذمهم والاستخفاف بهم ، فلما لم يجز أن يكونوا استحقوا الذم والمديح في حالة واحدة، لم يجز أن يكونوا داخلين في جملة من يعتد بهم في الإجماع مع كونهم من أهل الفسق.
ويدل عليه قوله تعالى: (وَاتَّبع سَبِيلَ مَنْ أنَابَ إِلَىَّ) (1) .
وقوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) (2) والفاسق يأمر بالمنكر، ويمنع المعروف.
ولأن من لا تقبل شهادته في حق خاص لم يعتد به فيما يلزم الجماعة.
ولأنه إخبار بأمر من أمور الدين، فلا يدخل فيه الفاسق، مثل (3) أخبار الآحاد.
واحتج المخالف:
بقوله عليه السلام: (أمتي لا تجتمعُ على الخطأ) فلما كان أهل الفسق والضلال من جملة الأمة وجب أن يعتد بهم في جملة الإجماع.
والجواب: أن المراد بذلك العدول منهم، كما كان المراد به العلماء منهم.