والجواب: أنه مقيد بما يفعله الله تعالى بمن أراد سوءً بالمدينة، والخطأ فيما يتفقون عليه في أمر الدين ليس من هذا في شىء، ومن ذمهم أو ردَّ عليهم، فإنه لا يريد سوءً بالمدينة.
ولا يجوز حملُه على الأهل من غير دلالة.
ولأن الفسق عبارة 172/ب عن الفعل المذموم، ومن أنكر عليهم في خطئهم فقد دعاهم إلى خير، وأراده منهم.
وعلى أن المكايَدَة هى المباينة بغير حق، وخلافُنا في الخلاف فيما هو حق، ويسوغ فلا يتناول الخبر موضعَ الخلاف.
وجواب آخر، وهو: أن الخبرَ حجةٌ لنا، فإنه يتناول أهل المدينة حيث كانوا فيها أو في غيرها، فيجب إذا كانوا بالكوفة وغيرها من البلاد لا يُخالفون.
واحتج: بأن أهل المدينة شاهدوا الرسول وحضروا التنزيل وعرفوا التأويل.
والجواب: أن الصحابة الذين هذه صفتهم قولهم حجة، وإنما الخلاف فيه: إذا كان بعضهم بالمدينة وبعضهم خارجاً عنها، هل يكون قول البعض الذين بالمدينة حجةً على غيرهم؟ وليس فيما ذكروه ما يدل على ذلك.
فأمَّا من قال: إن إجماع أهل المدينة حجة فيما طريقه التواتر فقد أبعد، لأن خبر التواتر، لا يختص بطائفة، وقد يقع ذلك ببعض أهل المدينة.
ولا يجوز أن يُحمل قول مالك على تجويز الخطأ في تواتر غير أهل المدينة، وترجيح تواتر أهل المدينة، لأنهم عرفوا أواخر فعل النبي -عليه السلام- لأن من نقل الأخبار إلى غير أهل المدينة هم الصحابة الذين عرفوا أواخر فعله