يدل عليه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان قوله حجة، لم يجز لأهل عصره مخالفته.
فإن قيل: فالنبي حجة مقطوع عليه، والصحابي غير مقطوع عليه.
قيل: خبر الواحد والقياس غير مقطوع عليهما، ويجب اتباعهما.
فإن قيل: الذي قدمنا به قول الصحابي معرفته بأحوال التنزيل وطريق الأخبار ومشاهدتها، وهذا المعنى يتساويان فيه، فلا يلزم أحدهما متابعة الآخر.
قيل: فكان يجب أن لا يكون قول الصحابي حجة على غيره من بعده من العلماء، وأن يكون قوله أيضاً (1) كقول الصحابة لمساواته في الطريق، ولما لم يقل هذا، لم يصح، لما ذكرته.
فإن قيل: إنما يكون حجة، إذا لم يظهر من أحد من نظرائه خلافه، فإذا ظهر خرج عن أن يكون حجة، كما أن الإجماع ينعقد إذا لم يظهر ممن يعتدّ بقوله خلاف، فإذا ظهر لم ينعقد.
قيل: لا نسلم أن التابعي نظير للصحابى في الاجتهاد، لوجوه:
أحدها: أن قول الصحابي حجة على من بعده، والتابعي بخلاف ذلك.
والثاني: أن الصحابي معه مزية ليست مع التابعي من مشاهدة التنزيل وحضور التأويل.
والثالث: أنه منصوص عليه، لقوله: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي) وقوله: (أصحابي كالنُّجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) .
وهذا المعنى معدوم في 174/أ التابعين.
ونجعل هذه طريقة في المسألة فنقول: للصحابي مزية على غيره من التابعين ومن بعدهم.