في كل واحد منهما نفع لا ضرر فيه، وإن كانا مختلفين.
على أن هذا يؤكد 196/أ صحة القياس، وذلك لأن المِثلَين في العقليات إنما وجب تساوي حكمهما؛ لأن كل واحد منهما قد ساوى الآخر فيما لأجله وجب له الحكم، إما لذاته كالسوادين، أو لعلة أوجبت ذلك كالأسودين، وهكذا القول في المختلفين.
وعلى هذه الطريقة بعينها يجرى القياس؛ لأنا إنما نحكم للفرع (1) بحكم الأصل إذا شاركه علة الحكم؛ لأن الله تعالى إنما نص على حكم واحد في الشيئين إذا اشتركا فيما له وجب الحكم فيهما، فقد بان بذلك صحة ما ذكرناه.
واحتج: بأن الفرع الشرعي قد يكون مشبهاً لأصل يقتضي التحريم، ولأصل يقتضي التحليل، فلا يكون أحدهما بالرد إليه أولى من الآخر، ولا يصح الحكم فيه بحكم الأصلين لتضادهما، فيمتنع القياس، فلا يصح الرد إلى شىء من هذه الأصول؛ لأن أحداً لم يفصل بين الفرع المشبه لأصلين هذه حالهما وبين الفرع المشبه للأصل الواحد.
والجواب: أن الفرع لا يرد إلى أحد الأصلين لكونهما شبهاً له، وإنما يرد لكونه أشبه منه بالآخر.
وعلى مذهب من يجيز أن يعتدل الأمر عند المستدل في شبه الفرع بالأصلين لا يلزمه ذلك؛ لأنه إذا اعتدل شبهه بهما كان المستدل مخيراً في رده إلى أيهما شاء كالمكفر هو مخير في أن يختار أى الكفارات شاء.
واحتج: بأنه لو جاز حمل الفرع على المنصوص عليه لوجود الشبه بينهما لوجب أن يجوز ذلك في سائر الأوقات، كما أن الفعل لما كان دلالة على كون الفاعل قادراً كان دلالة على ذلك في جميع الأوقات، وإذا كان كذلك وكان هذا الشبه بين المنصوص وبين ما لم ينص عليه موجوداً قبل النص ولم يجز القياس عليه علمنا أنه لا يصح رده إليه بحال.