ثبت أن القوم أجمعوا على القياس، وعملوا به، وأقرَّ بعضهم بعضاً على ذلك.
وحُكي عن داود أنه قيل له: إذا لم يكن الدليل عندك إلا نفس كتاب أو سنة، أو قياس لا يحتمل إلا معنى واحداً (1) . فلم اختلفت الصحابة؟! قال: خذل (2) القوم (3) .
وهذا أعظم (4) ، فإنه لم يكفهم منع 199/أ القياس حتى خطئوا الصحابة.
وأيضاً: فإن الله تعالى كلف المجتهد معرفة أحكام الحوادث ليعمل بها لنفسه، أو ليفتي بها، أو يحكم بها بين الناس، فلابد أن ينصب هنا أدلة تعرف أحكام الحوادث بها.
وذلك الدليل: إما أن يكون نصاً أو غيره؛
فبطل أن يكون نصاً؛ لأن الله تعالى ما نص على حكم كل حادثة، ولابد من معرفة حكمها، ثبت أن معرفة حكمها بالاجتهاد والاعتبار.
فإن قيل: قد نص على حكم كل حادثة؛ إما نصاً أو دليل الخطاب.
قيل: إذا اختلف المتبايعان، فقال كل واحد منهما: لا أدفع ما عليّ حتى أقبض مالي، فليس في تقديم واحد منهما دليل من جهة النص.
وكذلك: إذا اختلفا والسلعة قائمة، تحالفا، وليس في تقديم أحدهما نص ولا دليل خطاب.
وكذلك قوله لزوجته: أنتِ عليَّ حرام؛
منهم من قال: طلاق.