قيل: لو كان الحمل هناك، كما ذكرت، لوجب أن يختص التعدي هناك بهذه العلة، ولجاز أن يتعدى الحكم إلى غير السُّكَّر بعلة هو غير الحلاوة؛ لأن الأمر بالقياس يعم هذه العلة وغيرها. ولما قالوا بأن التعدي يحصل بهذه العلة، دل على أن التعدي كان لأجلها، لا لأجل الأمر بالقياس.
وأيضاً: فإن قوله: "حرَّمتُ السُّكر" قد أفاد الحكم و قوله بعد هذا: "لأنه حلو" إنما ذكره (1) لفائدة، وليس فائدته إلا القياس عليها. فلو قلنا: لا يقاس عليها بطلت فائدتها، وهذا لايجوز.
فإن قيل: فائدتها بيان العلة التي ثبت الحكم لأجلها، ولو لم يذكر العلة لكان يكون الحكم ثابتاً بغير علة.
قيل: لو كان التعليل لا يفيد إلا إفادة النص أو الإِجماع، كان وجوده كعدمه، لا يفيد فائدة، فوجب تعديته لتحصل الفائدة.
فإن قيل: فائدته (2) عِلْمُنا بالوجه الذي لأجله صار الفعل مصلحة للمكلف، وإن لم يجب حمل غيره عليه إذا شاركه في العلة.
قيل: فلا فائدة في معرفة ذلك إذا لم يتعد إلى غيره؛ لأنا قد استفدنا الحكم بالنص، وإنما يستفيد المكلف معرفة الوجه بالمصلحة ليعمل عليه، فإذا كان مقصوراً لم يفد؛ لأن ذلك مستفاد بالنص، وهذه طريقة أجود شىء في المسألة.
وأيضاً: فإن العلة وضعت للحكم تنبيهاً على غيره من الأحكام، كالنهي عن الأدنى، تنبيهاً على المنع من الأعلى، نحو قوله تعالى: (فَلاَ تَقُل لهُمَا أف) (3) ، كان فيه تنبيه على المنع من الضرب، ونحو ما يجب أن يكون ذكر العلة ها هنا تنبيهاً على نظيره قبل ورود التعبد بالقياس وبعده، كما قلنا ذلك