وأما معارضة النطق بالعلة ومعارضة العلة بالنطق:
فإنه ينظر في النطق: فإن كان نصاً لا يحتمل إلا معنى واحداً، فإنه يجب ترك القياس له، سواء كان النطق من القرآن أو من السنة المتواترة أو من خبر الواحد.
وقد حكينا خلاف أصحاب مالك وأن القياس مقدم على خبر الواحد (1) .
وإن كان النطق عاماً أو ظاهراً: فقد حكينا اختلاف الروايتين، واختلاف الفقهاء، وأن منهم من قال: يجب ترك القياس.
ومنهم من قال: يخص العام به، ويصرف الظاهر عن ظاهره. وذكرنا الوجه في ذلك (2) .
وأما معارضة العلة بالعلة:
فلا يخلو من أحد أمرين:
إما أن تكون من أصلين، أو من أصل واحد.
فإن كانت من أصلين: مثل أن يقول أصحاب أبي حنيفة: طهارة بالماء، فوجب أن لا تفتقرَ إلى النية قياساً على إزالة النجاسة.
ونعارضه، فنقول: طهارة من خبث، فلا يصح بغير نية. أصله: التيمم.
ومثل ذلك كثير.
والجواب عن ذلك: أن نبطل قياس المخالف بوجه من وجوه الإِفساد التي ذكرناها، أو يرجح قياسه بوجه من وجوه الترجيحات التي نذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وإن كانت من أصل واحد فلا يخلو: من أن تكون بعلة غير علته أو بعلته، وإن تعلق عليها غير حكمها.