الخامس والعشرون: أن يكون أصل إحداهما ما يعارضها، وهو القلب.
فأما كون إحداهما أعم من الأخرى فلا تكون أوْلى.
وحكي عن بعض الشافعية أن الأعم أولى (1) .
ولهذا قالوا: العلة الطعم؛ لأنها أعم من الكيل، فإنها تجري فيما لا يكال.
دليلنا:أن أحد العمومين إذا اشتمل على مسميات أكثر من المسميات التي اشتمل عليها العموم الآخر، لم يكن أكثرهما عددا في المسميات أوْلى بالاستعمال من أقلهما (2) عدداً، كذلك هاهنا.
يبين صحة هذا: أنه ليس في كون إحداهما (3) أكثر من كون فروعها أكثر، وهذا لا يوجب ترجيحها، كما لم يوجب ذلك في العمومين.
على أنهم قد ناقضوا في ذلك، فإنهم لم يجعلوا العلة في تحريم التفاضل في الذهب: الوزن، مع كونها أعم من الأثمان.
وهذه الترجيحات قد كانت تستعمل في المناظرات، وقد عدل عنها في هذا الزمان إلى معانٍ وتأثيرات، وهو أوْلى؛ لأنه طريق الفقه واستخراج الأمارات الظاهرة المغلبة على الظن المميزة بين الصحيح منها وبين الفاسد.
فإذا ثبت ما ذكرنا، فإن من عجز عن ترجيح دليله على ما عارضه خصمه به، أو إفساده بما يفسده فإنه منقطع.