تظهر تلك المزية وقد تخفى.
فإذا خفيت وجب أن يجتهد في طلب ترجيح أحدهما والوقْف إلى أن يتبين ذلك.
وكذلك الأخبار، لا يجوز أن يرد خبران متعارضان من جميع الوجوه، ليس مع أحدهما ترجيح يُقدَّم به.
وقد قال أبو بكر الخلاَّل في كتاب العلم: "لم أجد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثاً متضاداً إلا وله وجهان، أحدهما إسناد جيد، والآخر إسناد ضعيف".
وإلى هذا ذهب الكرخي من أصحاب أبي حنيفة (1) وأبي سفيان.
وحكاه الإسفراييني عن أصحابه أيضاً (2) .
وذهب الرازي إلى جواز ذلك وقال: إذا اعتدل قياسان في نفس المجتهد، وأحدهما يوجب الحظر والآخر يوجب الإباحة، فإن المجتهد يكون مخيراً في أن يحكم بأيهما شاء (3) .
وبه قال قوم من المتكلمين (4) .
وإليه ذهب الجرجاني أيضاً (5) ، وحَكى قول الكرخي وقال:
هذا خلاف ما قاله أبو حنيفة في سؤر الحمار: إن دليل الحظر والإِباحة