وكذلك قول ابن عباس: (من شاء باهلته) ثقة من نفسه أنه أصاب الأشبه.
قيل: قد أجبنا عن هذا وقلنا:
إن عندك لم يكلف طلب الأشبَه ولا إصابته، وإنما فَرْضُه ما يغلب على ظنه، فحكمه وحكم غيره سواء.
ولا يجوز حمل ذلك على أنه كان هناك نص؛ لأن القوم صرحوا بالرجوع إلى الرأي. فقال علي: (إن اجتهدوا فقد أخطؤوا) .
وكذلك 241/أ ابن عباس (ألا يتقى الله زيد يجعل ابن الابن ابناً ولا يجعل أبا الأب أباً) .
وهذا رجوع إلى الرأي.
فإن قيل: لا يجوز أن يكون عدولُه عما ثوابه أكثر إلى شىء ثوابه أقل من الشيطان. وقد أضافت الصحابة الخطأ في ذلك إلى الشيطان.
وأيضاً فإنهم إذا اختلفوا على قولين متضادين مثل تحريم وتحليل، وتصحيح وإفساد، وإيجاب واسقاط، فلا يخلو من ثلاثة أقسام:
إما أن يكونا صحيحين، أو فاسدين، أو أحدهما صحيحاً والآخر فاسداً.
ولا يجوز أن يكونا فاسدين؛ لأنه يؤدي إلى إجماع الأمة على خطأ فاسد، وهذا لا يقوله أحد.
ولا يجوز أن يكونا صحيحين؛ لأنه لا يجوز أن يكون الشىء الواحد حراماً حلالاً، واجباً غير واجب، وصحيحاً باطلاً.
ولهذا قلنا في الفرُوج، وهو إذا تزوج حنبلي امرأة من وليها، بعد أن تزوجها حنفي بغير ولي، فالحنبلي يقول: الأول باطل ونكاحي صحيح، وهي حلال لي دونه.