والقدر والإِمامة ونصب إمامين ونصب إمام من غير قريش، وما أشبه ذلك.
ولما أجمعوا على أن المصيب غير عالم فلا قاطع بخطأ من خالفه، ولا إثم عليه فيه، ولا ينقض حكمه إذا حكم به، ويُخيَّر العامي في تقليد من شاء، دلَّ على أن كل مجتهد مصيب.
والجواب: أنا إنما لم نعلم إصابته للحق، ونقطع بخطأ من خالفنا؛ لأن الدليل على الأحكام غير مقطوع عليه، وإنما هو بأن يكون مقطوعاً (1) عليه، كنص القرآن ونص السنة المتواترة والإِجماع.
وبأن يكون غلبة الظن بخبر الواحد والقياس وشهادة الأصول فما (2) كان دليله مقطوعاً عليه: علمنا إصابته، وقطعنا بخطأ من خالفنا، ونقضنا حكمه، وحكمنا بإثمه، ولم نُخَير العامي في تقليده.
وما كان غلبة ظن: لم نقطع بإصابة الحق وخطأ من خالفنا؛ لأن دليله غير مقطوع عليه.
فإن قيل: فكان يجب أن ينصب عليه دليلاً مقطوعاً عليه ليتوصل به إلى الحق، كما نصب على مسائل الأصول.
قيل: لا يجب هذا كما لم يجب في حكم الحاكم بشهادة شاهدين، فإنه يحكم به، وإن لم يقطع على صدقهما.
وكالقِبلة، كُلف الاجتهاد في طلبها، وإن لم يكن دليلاً قاطعاً عليها.
وقد قيل: إن الله تعالى دلنا على الحكم بدلالة قاطعة، وإن لم يدلنا على علة الحكم في الأصل؛ لأنه كلَّفنا العمل على أوْلى العلل وأقواها، وقد جعل لنا طريقاً نقطع معه.