ويبين 248/أ صحة هذا، و (1) أنه ليس من شرط جواز الحكم أن يكون الحاكم به عالماً بالمصلحة فيه.
ألا ترى أن الحاكم في الحادثة من طريق الاجتهاد، لا يعلم أن ما حكم به صواب ومصلحة، بل يتبع حكمه في ذلك غالب الظن، ومع هذا قال: حكمه به كان جائزاً، ويحسن التعبد به، كذلك هاهنا.
وكذلك في الكفارات وإطعام المساكين، كل ذلك مردود إلى اختيار المكلف.
واحتج: بأن اتفاق الصدق في المستقبل لا يقع منا، كذلك اتفاق الصواب.
والجواب: أنه غير ممتنع أن يقع في الأمرين، كما تتفق أمور كثيرة على طريق واحدة، كما تتفق في العلوم.
واحتج: بأنه لو كان ذلك جائزاً لجاز أن يبعث الله تعالى رسولاً، ويجعل إليه أن يشرع الشريعة كلها.
والجواب: أنه لا يمتنع ذلك فيما يمكن الوصول إليه من طريق الفكر والرأي إذا علم الله تعالى أن المصلحة فيه، كما يجوز أن يبيح له أكل ما شاء، إذا علم أنه لا يحتاج أكل الحرام.
واحتج: بأنه لا يجوز أن يقع التعبد بما ذكر تموه؛ لأن المخبر لا يأمن الكذب فيما يخبر به.
والجواب: أنه متى عرف أنه لا يقول إلا الصواب، زال هذا المعنى وأمن وقوع الخطأ.