فإن قيل: لا يخلو القول بالاستحسان من أن يكون عن حجة أو عن غير حجة.
فإن كان عن 251/ب حجة، فلا فرق إذاً بينه وبين القياس.
وإن كان عن غير حجة فهو مردود.
قيل: قد بينا أنه قول بحجة، وأنه أولى القياسين، إلا أنهم سموه استحساناً، ليفصلوا بهذه التسمية بينه وبين ما لم يكن معدولاً إليه لكونه أولى مما عدل إليه عنه.
فإن قيل: فإذا كان الاستحسان أقوى الدليلين، فيجب أن يكون مذهبكم كله استحساناً؛ لأن كل
مسألة فيها خلاف بين الفقهاء، فإنه قد ذهبتم فيه إلى أقوى الدليلين عندكم.
قيل: الاستحسان أقوى الدليلين فيما حكمنا فيه بصحة كل واحدٍ من الدليلين، ومسائل (1) الخلاف بين الفقهاء لا نحكم بصحة أدلة مخالفنا، بل نعتقد فسادها؛ فلهذا لم نطلق اسم الاستحسان على جميع ذلك.
مسألة
لا يجوز أن يقال في الحادثة الواحدة بقولين في وقت واحد (2) .
وما نقوله من ذكر الروايتين، فهو محمول على أنه قاله (3) في وقتين، كالخبرين، على ما نبينه.
وقد أطلق الشافعي القولين في المسألة الواحدة في وقت واحد في مواضع