وبطل أن يُرجح أحدُهما؛ لأنه إذا رجح سقط الآخر، فلا يكون فيها قولان.
فلم يبق إلا أن القول بالقولين باطل.
ولأن القول بالقولين لا يخلو من ثلاثة أحوال:
إما أن يكونا صحيحين، أو باطلين، أو أحدهما صحيحاً والآخر باطلاً.
فبطل أن يكونا صحيحين؛ لأنه لا يجوز أن يكون الشىء الواحد حلالاً حراماً.
وبطل أن يكونا عنده باطلين؛ لأنهما لو كان كذلك ما حكاهما.
وبطل أن يكون أحدُهما صحيحاً؛ لأنه لو كان الأمر على هذا لما حكى قولين.
وإذا بطل الكل، بطل القول بالقولين.
ولأنه إذا قال: فيها قولان، لا يخلو من أحد أمرين:
أما أن يعلم أن أحدهما صحيح، أو يجهل ذلك.
فإن كان يعلم أن الصحيح أحدهما، فلا يحل له أن يكتمه لقوله تعالى: (إن الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أنزلْنَا مِنَ الْبيناتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيناهُ لِلناسِ في الْكِتَابِ أولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُم اللاعِنُونَ) (1) .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) (2) .