قيل: 252/ب فإذا كان الحق أحدهما، فلا يجوز أن يطلق القول فيهما؛ لأن الإطلاق يمنع تعلق الحق في أحدهما، ولا يجوز أن يطلق لفظاً من غير معنى فذلك فاسد، وإن لم يرد به ما يقتضيه ظاهره، كما لا يجوز أن يعتقد صحة ذلك المعنى.
ألا ترى أن من ليس في تقيَّة، لا يجوز له أن يظهر كلمة الكفر، وإن لم يرد بها ما يقتضيه ظاهرها، كما لا يجوز له أن يعتقد ما يبين ظاهرها عنه.
وإذا كان كذلك، واتفقنا على فساد اعتقاد ما أطلقه من القولين المتضادين في المسألة الواحدة في الوقت الواحد، وجب أن يكون إطلاقه ذلك فاسداً، وإن لم يرد به ما يقتضيه ظاهره.
فإن قيل: فالخبر عما هو متوقف فيه حسن مفيد.
قيل: الخبر عما هو متوقف فيه حسن إذا كان اللفظ لا يُنبىء عن معنى فاسد، وقد بينَّا أن هذا يُنبىء إطلاقه عن معنى فاسد، فلم يصح.
فإن قيل: أمور الناس محمولة على الصحة والسلامة، فوجب أن يحمل ما ذهب إليه الشافعي في ذلك على وجه يجوز حمله عليه دون ما لا يجوز.
قيل: لو جاز هذا الاعتبار لوجب أن تحمل كل لفظة منكرة الظاهر على وجه يصح حملها عليه، ولا يكون المتكلم بها ممنوعاً من إطلاقها.
فكان يجوز للقائل أن يقول "لا إله" ويسكت على ذلك، فيكون ذلك محمولاً على أنه إنما أراد به "لا إله إلا الله".
وكذلك، إذا قال: (وَيْل لِلْمُصَلينَ) (1) وسكت عليه يجب أن يحمل على أنه إنما أراد به (المُصَلينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) .