عندي أسهل مما نهى عنه. فقد سهَّل في الأمر وغلَّظ في النهي.
ولعله قصد بهذا أن الأمر أسهل من النهي على معنى أن جماعة قالوا: إطلاق الأمر يقتضي الندب، وإطلاق النهي يقتضي الحظر، وإطلاق الأمر لا يقتضي التَّكرار، والنهي يقتضي، وهذا قول جمهور الفقهاء.
وقالت المعتزلة: هو محمول على الندب بإطلاق حتى يدل الدليل على الوجوب.
وقالت الأشعرية: هو على الوقف على ما يبينه الدليل.
وذهب قوم إلى أنه على الإباحة حتى يدل الدليل.
فالدلالة على ما قلنا قوله تعالى: {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} 1.
فوجه الدلالة: أن الله تعالى لما أَمَرَ الملائكة بالسجود لآدم تبادروا إلى فعله، فعلم أنهم عقلوا من إطلاقه وجوب امتثال المأمور به، ثم لما امتنع إبليس من السجود وبَّخَهُ وعاقبه وأهبطه من الجنة، فلولا أن ذلك واجب عليه لما استحق العقوبة والتوبيخ بتركه.
فإن قيل: يجوز أن يكون ذلك الأمر معه قرينة دلت على المراد به، فلهذا عاقبه بالمخالفة.
قيل: لم يذكر في الآية إلا أمرًا مطلقًا، وعلَّق التوبيخ والعقوبة بتركه، فمن ادَّعى أن هناك قرينة احتاج إلى دليل، يبين صحة هذا أن قوله: