والعجز، وما يجري هذا المجرى، فكيف يصح أن يكون الأمر مقتضياً لوجوب المأمور به أبداً.
وقوله: إن ذلك يكون بدَاءً، خطأ؛ لأن النهي ها هنا لا يقع عما وقع الأمر به، وإنما وقع النهي عن مثله في المستقبل، وهذا غير ممتنع؛ لأن الفعلين قد يكونا متماثلين من جنس واحد، مع كون أحدهما حسناً وفيه المصلحة، وكون الآخر قبيحاً ولا مصلحة فيه، ألا ترى أن اعتقاد المكلف نبوته، واعتقاده لها يكون مصلحة بعد بعثه الله تعالى إياه، ولا يكون مصلحة قبل أن يبعثه نبياً.
وقولهم: إن عليه أن يعزم على الفعل ويعتقده أبداً، فليس كذلك، وإنما يعتقد وجوبه إلى ما لم يرفع عنه.
واحتج: بأنه لو جاز ورود النسخ في الشرائع، لجاز مثله في اعتقاد التوحيد.
والجواب: أن الفعل الشرعي يجوز أن يكون مصلحة في وقت، ولا يكون مصلحة في وقت آخر مع بقاء التكليف، ويكون مصلحة لزيد، ولا يكون مصلحة لعمرو.
فاما فعل التوحيد، فلا يخرج عن أن تكون المصلحة فيه لجميع المكلفين وفي جميع الأوقات.
يبين صحة هذا: أنه لايجوز أن يجمع بين الأمر بالفعل الشرعي وبين النهي عن مثله، بأن يقول: "صلوا هذه السنة، ولا تصلوا بعدها"، ولا يجوز أن يجمع بين إيجاب اعتقاد التوحيد وبين النهي 111/ب عن مثله في المستقبل.
واحتج: بأنه لو جاز ورود النهي عن الفعل بعد ورود الأمر بمثله مطلقاً، لكان ذلك مؤدياً إلى أن لا يكون ها هنا معنى يدلنا على تأبيد