وعلى أن الحكم إذا نسخ صار اللفظ منسوخاً، وإن كان يتلى، فإنه يقال: هذه آية منسوخة متى كان الحكم مرتفعاً.
ولأنه متى نسخ الحكم تعطل اللفظ وخرج عن كونه مفيداً، فكما لا يجوز نسخ اللفظ بالأمر الضعيف، لا يجوز نسخ حكمه أيضاً، ألا ترى أنه لما لم يجز نسخ لفظ الكتاب بأخبار الآحاد، لم يجز نسخ حكمه.
فإن قيل: لو كان الاعتبار بما ذكره، لوجب أن يجيزوا نسخ ما لا إعجاز فيه، وهي الآية الواحدة.
قيل: في الآية الواحدة إعجاز، ولو لم يكن فيها إعجاز، فهي من جنس المعجز، وفيها إعجاز وثواب، وليست السنة من جنس المعجز، ولا في تلاوتها ثواب.
فإن قيل: درس السنة وتعليم العلم 115/أ عبادة، وفيه ثواب.
قيل: يريد بذلك بعد تعلمها وحفظها، فإن تلاوتها لا ثواب فيها، وهذا لا خلاف فيه.
واحتج المخالف:
بقوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إلَيْكَ الذكْرَ لِتُبَينَ للِنّاسِ مَا نُزلَ إلَيْهِم) (1) والنسخ ضرب من البيان، كالتفسير والتخصيص.
والجواب: أنه قد قيل: إن التبيين ها هنا هو التبليغ عن الله تعالى.
وقد قيل: النسخ ليس بيان للمنسوخ، وإنما هو إزالة وإسقاط حكمه.
وعلى أن هذا محمول على التخصيص بدليل ما ذكرنا.
واحتج بأنه دليل مقطوع عليه، فجاز النسخ به كالآية.