وَتَرْتِيبِهَا , وَفَرْضِ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ , وَنَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا التَّوَاتُرُ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى: فَهُوَ أَنْ يَرْوِيَ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ , كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حُكْمًا غَيْرَ الَّذِي يَرْوِيهِ صَاحِبُهُ , إِلَّا أَنَّ الْجَمِيعَ يَتَضَمَّنُ مَعْنًى وَاحِدًا , فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِمَنْزِلَةِ مَا تَوَاتَرَ بِهِ الْخَبَرُ لَفْظًا , مِثَالُ ذَلِكَ: مَا رَوَى جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ عَمَلَ الصَّحَابَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ , وَالْأَحْكَامُ مُخْتَلِفَةٌ , وَالْأَحَادِيثُ مُتَغَايِرَةٌ , وَلَكِنَّ جَمِيعَهَا يَتَضَمَّنُ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ , وَهَذَا أَحَدُ طُرُقِ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ تَسْبِيحُ الْحَصَى فِي يَدَيْهِ , وَحَنِينُ الْجِذْعِ إِلَيْهِ , وَنَبْعُ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ , وَجَعْلُهُ الطَّعَامَ الْقَلِيلَ كَثِيرًا , وَمَجُّهُ الْمَاءَ مِنْ فَمَهِ فِي الْمَزَادَةِ , فَلَمْ يَنْقُصْهُ الِاسْتِعْمَالُ , وَكَلَامُ الْبَهَائِمِ لَهُ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ إِذَا ثَبَتَ هَذَا , فَإِنَّ عَدَدَ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ غَيْرُ مَعْلُومٍ , وَلَا دَلِيلَ عَلَى عَدَدِهِمْ مِنْ طَرِيقِ الْعَقْلِ وَلَا مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ , لَكِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْعَدَدَ الْقَلِيلَ لَا يُوجِبُ خَبَرُهُمُ الْعِلْمَ , وَخَبَرُ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ يُوجِبُهُ , وَيَجِبَ أَنْ يَكُونُوا قَدْ عَلِمُوا مَا أَخْبَرُوا بِهِ ضَرُورَةً , وَأَنْ يَكُونُوا عَلَى صِفَةٍ لَا يَقَعُ مِنْهُمُ الْكَذِبُ اتِّفَاقًا , وَلَا تَوَاطُؤًا بِتَرَاسُلٍ , أَوْ حَمْلِ حَامِلٍ بِرَغْبَةٍ أَوْ رَهْبَةٍ , لَأَنَا نَعْلَمُ أَنَّ الْعِلْمَ لَا يَقَعُ بِخَبَرِ جَمَاعَةٍ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَخَبَرُ الْآحَادِ: مَا انْحَطَّ عَنْ حَدِّ التَّوَاتُرِ , وَهُوَ ضِرْبَانِ: مُسْنَدٌ , وَمُرْسَلٌ