أَنَاهُ الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْهَاشِمِيُّ , نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ , نا أَبُو دَاوُدَ , نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ , أنا هَمَّامٌ , قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً , قَالَ: أنا صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ رَجُلًا , أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ , وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ , أَوْ قَالَ: صُفْرَةٌ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ , فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟» قَالَ: «اغْسِلْ عَنْكَ الْخَلُوقَ» أَوْ قَالَ: «أَثَرَ الصُّفْرَةِ , وَاخْلَعِ الْجُبَّةَ عَنْكَ , وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجَّتِكَ» إِنَّ الْفِدْيَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ , لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ لِسَبَبٍ ذُكِرَ لَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ جَمِيعَ مُوجِبِهِ , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ فِيهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ
ص: 330 وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ , فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي النَّسْخِ خَاصَّةً , لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ , كَانَ ذَلِكَ عَامًّا فِي زَمَانٍ , وَأَرَادَ بِهِ بَعْضَ الْأَزْمَانِ فَأَخَّرَ بَيَانَهُ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ فِي غَيْرِ النَّسْخِ , فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ , وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ , وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْمُجْمَلِ , وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْعُمُومِ , وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْإِخْبَارِ دُونَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ دُونَ الْإِخْبَارِ , وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَيْرُوزَابَادِيَّ يَقُولُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ , لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُخِلُّ بِالِامْتِثَالِ فَجَازَ كَتَأْخِيرِ بَيَانِ النَّسْخِ