أنا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ , أنا أَبُو بَكْرٍ , مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ , نا جَدِّي , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ , هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , ونا أَبُو النَّضْرِ , هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ , ونا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ , قَالُوا: نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ , - وَقَالَ أَبُو النَّضْرٍ بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ - , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , قَالَ: هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ , فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ: لَقَدْ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا قَالَ: «وَمَا هُوَ؟» قَالَ: قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ , فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنَ الْمَاءِ؟» فَقُلْتُ: إِذًا لَا يَضُرُّنِي , - وَقَالَ مُوسَى بْنُ دَاوُدَ - فَقُلْتُ: لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ: فَفِمَ , - وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ - قَالَ: فَفِيمَ , أَيْ لَا بَأْسَ بِهَا
ص: 478 قَدْ تَبَيَّنَ فِي هَذَا الْخَبَرِ , أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَشُكُّ أَنَّ الْقُبْلَةَ مُحَرَّمَةٌ فِي الصَّوْمِ , وَلِذَلِكَ اسْتَعْظَمَ فِعْلَهُ إِيَّاهَا , وَلَمْ يَأْتِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ أَذَلِكَ مُبَاحٌ أَمْ مَحْظُورٌ , وَإِنَّمَا جَاءَ يَسْأَلُهُ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِهِ , وَلَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ فِي الْقُبْلَةِ نَصُّ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ , فَلَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُهَا عِنْدَ عُمَرَ إِلَّا اجْتِهَادًا , بِأَنْ جَعَلَهَا فِي مَعْنَى الْوَطْئِ الْمَحْظُورِ فِي الصِّيَامِ , لِأَنَّ الْقُبْلَةَ الْتِذَاذٌ بِالْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْجِمَاعَ الْتِذَاذٌ بِهَا , فَلَمَّا كَانَتْ إِحْدَى اللَّذَّتَيْنِ مُحَرَّمَةٌ نَصًّا فِي الصَّوْمِ جَعَلَ عُمَرُ حُكْمَ اللَّذَّةِ الثَّانِيَةِ حُكْمَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا , فَعَرَّفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَطَهُ فِي اجْتِهَادِهِ , وَأَنَّ الْقُبْلَةَ مُبَاحَةٌ وَأَوْضَحَ لَهُ الْمَعْنَى بِتَشْبِيهِهِ بِالْمَضْمَضَةِ لِأَنَّ شُرْبَ الصَّائِمِ الْمَاءَ حَرَامٌ وَهُوَ وُصُولُ الْمَاءِ إِلَى بَاطِنِ بَدَنِهِ وَالْمَضْمَضَةُ مُبَاحَةٌ , لِأَنَّ ذَلِكَ ظَاهَرُ الْبُدَنِ , فَلَمْ يَكُنْ ظَاهِرُ الْبُدَنِ قِيَاسَ بَاطِنِهِ , وَكَذَلِكَ الْجِمَاعُ الْمَحْظُورُ , إِنَّمَا هُوَ مُبَاشَرَةُ بَدَنِهِ لِبَاطِنِ بَدَنِهَا لِلَذَّةٍ , فَلَيْسَ مُبَاشَرَتُهُ لَهَا بِظَاهِرِ بَدَنِهَا قِيَاسُ ذَلِكَ , كَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي وُصُولِ الْمَاءِ , غَيْرَ أَنَّ أَمْرَ الْمَضْمَضَةِ أَوْضَحُ فِي مُفَارَقَتِهِ لِلشُّرْبِ مِنَ الْقُبْلَةِ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ تَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ وَالْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ وَالِاعْتِكَافِ , وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ تَحْرِيمِ الْمَضْمَضَةِ وَبَيْنَ الشُّرْبِ فِي مَوْضِعٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ فَعَرَفَ عُمَرُ الْأَوْضَحَ مِنْهَا , وَهُوَ الْمَضْمَضَةُ