لخرج عن هذا الحد نسخ الأفعال بالأفعال ونسخ الأموال بالأفعال ونسخ الأفعال بالأقوال. فإذا علقنا ذلك بلفظه "الشرع" اشتملت على الأقوال والأفعال واستوعبت الحد.
وقلنا "بشرع متأخر عنه" لأن الناسخ من شرطه أن يتأخر عن المنسوخ، ولا يرد قبله ولا معه.
وقولنا "على وجه لولاه لكان ثابتًا" تبين لما تقدم من أن النسخ إنما يكون بإزالة الحكم الأول بالحكم الثاني لا بانقضاء مدته وورود ما يخالفه بعده.
دليل الخطاب: قصر حكم المنطوق به على ما تناوله، والحكم للمسكوت عنه بما خالفه.
ومعنى ذلك -عند القائلين به- أن يعلن الحكم على صفة موجودة في بعض الجنس، فيدل ذلك -عند القائلين به- أن حكم ما لم توجد فيه تلك الصفة مخالف لحكم ما وجدت فيه.
وذلك مثل ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "في سائمة الغنم الزكاة (١) " فدل ذلك عند القائلين بدليل الخطاب على أن ما ليس بسائمة من الغنم لا زكاة فيها.
وذلك أن السائمة عندهم منطوق بحكمها، والمعلوفة مسكوت عنها، فوجب أن يكون حكم المعلوفة غير حكم السائمة.
وقد ذكرنا أن هذا ليس بصحيح، لأن ما نص على حكمه ثبت حكمه بالنص. وما سكت عن حكمه من المعلوفة لا يجوز أن يثبت فيه بذلك النص حكم مخالف لما نص عليه ولا مماثل له، وإنما يجب أن يطلب دليل حكمه في الشرع كسائر ما سكت عنه. وهذا فائدة تخصيص ما نص على حكمه.
ولحن الخطاب: هو الضمير الذي لا يتم الكلام إلا به.
وفحوى الخطاب: ما يعنهم من نفس الخطاب من قصد المتكلم بعرف اللغة (٢).
والحصر: له لفظ واحد إنما (٣).
(١) أخرج نحوه النسائي في سننه ٥/ ٢٩.
(٢) انظر مفتاح الوصول ص ١١٢.
(٣) التعريفات ص ٧٨.