الشَّرْع فَتعين الْعَزْم على الْفِعْل وَأما الْفِعْل فَهُوَ مُوجب اللَّفْظ وَلَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يُوجب التَّعْجِيل فَافْتَرقَا
وَلِأَنَّهُ لَو قيد الْأَمر بالتراخي لوَجَبَ الْعَزْم على الْفَوْر وَالْفِعْل على التَّرَاخِي فَدلَّ على الْفرق بَينهمَا
وَاحْتَجُّوا بِأَن قَوْله افْعَل يَقْتَضِي إِيجَاد الْفِعْل فَلَو قُلْنَا أَنه على التَّرَاخِي لأثبتنا تخييرا لَا يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ
وَالْجَوَاب أَنه يبطل بِهِ إِذا قَالَ اقْتُل فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظ تَخْيِير ثمَّ يتَخَيَّر فِي أَعْيَان المقتولين
وَلِأَن هَذَا يُعَارضهُ أَن اللَّفْظ يَقْتَضِي إِيجَاد الْفِعْل فَمن جعله على الْفَوْر فقد زَاد فِي اللَّفْظ زِيَادَة وَأثبت تَخْصِيصًا لَا يدل عَلَيْهِ اللَّفْظ وَهَذَا لَا يجوز
وَاحْتَجُّوا بِأَن السَّيِّد إِذا قَالَ لعَبْدِهِ اسْقِنِي مَاء فَلم يسقه على الْفَوْر اسْتحق التوبيخ فَدلَّ على أَن مُقْتَضَاهُ الْفَوْر
وَالْجَوَاب أَنه إِن لم تكن هُنَاكَ قرينَة تَقْتَضِي الْفَوْر لم يسْتَحق التوبيخ وَإِنَّمَا يسْتَحق ذَلِك إِذا اقْترن بِالْأَمر قرينَة يعلم بهَا الْفَوْر فَيسْتَحق التوبيخ على ذَلِك لمَكَان الدّلَالَة
وَاحْتَجُّوا بِأَنا أجمعنا على كَون الْفِعْل قربَة فِي أول الْوَقْت فَمن أثبت الْقرْبَة فِي الْوَقْت الثَّانِي احْتَاجَ إِلَى دَلِيل
وَالْجَوَاب أَن الَّذِي اقْتضى كَون الْفِعْل قربَة فِي الْوَقْت الأول تنَاول الْأَمر وَقد بَينا أَن تنَاوله للْوَقْت الثَّانِي وَالْأول وَاحِد فَوَجَبَ أَن يكون قربَة فِي الْجَمِيع