وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ يعْتَبر تأثيرها فِي الأَصْل
لنا هُوَ أَن الْعلَّة هِيَ الْمَعْنى الْمُقْتَضِي للْحكم فَفِي أَي مَوضِع من الْأُصُول أثرت علم أَنَّهَا مقتضية للْحكم
وَلِأَنَّهُ إِذا علم تأثيرها فِي مَوضِع من الْأُصُول علمنَا أَنَّهَا مُؤثرَة فِي الأَصْل حَيْثُ وجدت لِأَنَّهُ يجوز أَن تكون عِلّة فِي مَوضِع وَلَا تكون عِلّة فِي مَوضِع آخر
وَاحْتج الْمُخَالف بِأَنَّهُ إِذا لم تُؤثر فِي الأَصْل لم يكن ذَلِك عِلّة فِي الأَصْل ورد الْفَرْع إِلَى الأَصْل بِغَيْر عِلّة الأَصْل لَا يجوز
قُلْنَا لَا نسلم أَنَّهَا إِذا لم تُؤثر فِي الأَصْل لم يكن ذَلِك عِلّة فِي الأَصْل بل إِذا أثرت فِي مَوضِع من الْأُصُول دلّ على أَنَّهَا عِلّة فِي الأَصْل وَفِي كل مَوضِع وجدت وَلَكِن رُبمَا لم يظْهر تأثيرها فِي الأَصْل لاجتماعها مَعَ عِلّة أُخْرَى وَهَذَا لَا يدل على أَنه لَيْسَ بعلة
أَلا ترى أَن الْحيض إِذا صَادف الْإِحْرَام أَو الرِّدَّة أَو الْعدة وَلم يظْهر تَأْثِيره فِي إِثْبَات التَّحْرِيم لَا يدل على أَنه لَيْسَ بعلة
قَالُوا وَلِأَنَّهُ إِذا ذكر وصفين لم يُؤثر أَحدهمَا فِي الأَصْل صَار ذَلِك حَشْوًا فِي الأَصْل وَزِيَادَة فِي علته فَيجب إِسْقَاطه وَإِذا سقط انتقضت الْعلَّة
قُلْنَا إِذا أثر فِي مَوضِع من الْأُصُول وَدلّ الدَّلِيل على تَأْثِيره بَان بِأَنَّهُ لَيْسَ بحشو فِي الأَصْل وَحَيْثُ وجد فَلَا يجب إِسْقَاطه من الْعلَّة يدلك عَلَيْهِ أَن الْحيض لما ثَبت تَأْثِيره فِي تَحْرِيم الْوَطْء كَانَ عِلّة فِي تَحْرِيمه حَيْثُ وجد فَلَا يجب أَن يظْهر ذَلِك فِي بعض الْمَوَاضِع كَذَلِك هَاهُنَا إِذا ثَبت الْوَصْف فِي الحكم وَجب أَن يكون مؤثرا حَيْثُ وجد وَإِن لم يظْهر الأَصْل