قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِن الشَّيْطَان ليَأْتِي أحدكُم يَنْفَسِخ بَين ألييه فَلَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا فَأمر بِالْبَقَاءِ على الأَصْل وَالْبناء على الْيَقِين فَكَذَلِك هَاهُنَا
الْجَواب أَنا لَا نسلم أَن الْيَقِين لَا يزَال بِالشَّكِّ غير أَنه لَيْسَ مَعنا فِي مَوضِع الْخلاف يَقِين قد زَالَ بِوُقُوع الْخلاف
وَيُخَالف هَذَا مَا ذَكرُوهُ من يَقِين الطَّهَارَة فَإنَّا قد تَيَقنا الطَّهَارَة وَلم نتيقن زَوَالهَا وَالظَّاهِر بقاءها وَلَيْسَ كَذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا لِأَن مَا تيقناه من الْإِجْمَاع قد تَيَقنا زَوَاله فوزانه مِمَّا قَالُوهُ أَن نتيقن زَوَال الطَّهَارَة بِالْحَدَثِ فَلَا يستصحب حكم الطَّهَارَة
قَالُوا وَلِأَن مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ من الحكم لَا يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط وَالْخلاف يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط فَلَا يجوز ترك مَا لَا يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط بِمَا يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط كَمَا نقُول فِي ترك الْإِجْمَاع بِالْقِيَاسِ
قُلْنَا فَيجب على مُقْتَضى هَذَا الدَّلِيل أَن لَا يسْتَدلّ بِالْقِيَاسِ أصلا فِي الْمَوَاضِع الَّتِي نقدمها فَيُقَال أَن مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ لَا يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط فَلَا يجوز تَركه بِالْقِيَاسِ الَّذِي يجوز عَلَيْهِ الْغَلَط وَلما جَازَ هَذَا بِالْإِجْمَاع سقط مَا قَالُوهُ
وَجَوَاب آخر وَهُوَ أَن الْإِجْمَاع لَا يتْرك بِالْقِيَاسِ لِأَن الْإِجْمَاع مَوْجُود وَالْقِيَاس دونه فَلَا يجوز ترك أَعلَى الدَّلِيلَيْنِ بأدونهما وَلَيْسَ كَذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا لِأَن الْإِجْمَاع قد زَالَ بِوُقُوع الْخلاف فَلم يجب الْبَقَاء على حكمه من غير دَلِيل
قَالُوا وَلِأَن قَول المجمعين حجَّة فَوَجَبَ استصحابه فِي مَوضِع الْخلاف وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام