وَالْجَوَاب هُوَ أَنا ألزمناهم على أصلهم فَلَا يلْزمنَا مَا توجه عَلَيْهِم وَأما على مَذْهَبنَا فَإِن الْأَمر بالنوافل يَقْتَضِي استدعاء الْمَأْمُور بِهِ وَحسنه على سَبِيل الِاسْتِحْبَاب وَهُوَ يَقْتَضِي النَّهْي عَن ضدها على سَبِيل الِاسْتِحْبَاب أَيْضا
وَلِأَن السَّيِّد إِذا قَالَ لعَبْدِهِ قُم فَقعدَ حسن توبيخه ولومه وَلَو لم يكم الْأَمر بِالْقيامِ اقْتضى النَّهْي عَن ضِدّه لما جَازَ توبيخه على الْقعُود
وَاحْتَجُّوا بِأَن صِيغَة الْأَمر خلاف صِيغَة النَّهْي فَلَا يجوز أَن يكون لفظ أَحدهمَا مقتضيا للْآخر
وَالْجَوَاب هُوَ أَن هَذَا إِنَّمَا يمْتَنع لَو قُلْنَا إِن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه من طَرِيق اللَّفْظ وَأما إِذا قُلْنَا إِنَّه نهي من طَرِيق الْمَعْنى لم يمْتَنع
أَلا ترى أَن لفظ الْأَمر بِالصَّلَاةِ خلاف لفظ الْأَمر بِالطَّهَارَةِ من طَرِيق اللَّفْظ ثمَّ الْأَمر بِالصَّلَاةِ يتَضَمَّن الْأَمر بِالطَّهَارَةِ من طَرِيق الْمَعْنى كَذَلِك هَهُنَا
قَالُوا الْأَمر وَالنَّهْي متضادان كتضاد الْعلم وَالْجهل ثمَّ الْعلم بالشَّيْء لَا يكون جهلا بضده كَذَلِك الْأَمر بالشَّيْء لَا يكون نهيا عَن ضِدّه
قُلْنَا الْعلم بالشَّيْء لَا يُنَافِي الْعلم بضده وَالْأَمر بالشَّيْء يُنَافِي الْأَمر بضده
أَلا ترى أَنه يجوز أَن يكون عَالما بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِك الْأَمر فَإِنَّهُ يُنَافِي فعل ضِدّه أَلا ترى أَنه لَا يجوز أَن يكون فَاعِلا للْمَأْمُور بِهِ إِلَّا بترك ضِدّه فَدلَّ على الْفرق بَينهمَا
وَاحْتَجُّوا بِأَن النَّهْي عَن الشَّيْء لَيْسَ بِأَمْر بضده وَكَذَلِكَ الْأَمر بالشَّيْء لَيْسَ بنهي عَن ضِدّه