بعض الْكتب على الْمُخَالفين الرَّد على فلَان وَإِذا كَانَ اللَّفْظ مُسْتَعْملا فِي الْأَمريْنِ وَجب أَن يحمل اللَّفْظ على الْجَمِيع
فَإِن قيل الَّذِي لَيْسَ من ديننَا هُوَ الشَّيْء الْمنْهِي عَنهُ من الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة والغيبة فِي الصَّوْم وَذَلِكَ عندنَا مَرْدُود بَاطِل وَالْخلاف فِيمَا يَقع فِيهِ الْمنْهِي عَنهُ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة وَذَلِكَ من ديننَا فَلم يكن ردا
قُلْنَا فعل الْعِبَادَة على وَجه النَّهْي أَيْضا لَيْسَ من الدَّين وَلِهَذَا لَا يُثَاب عَلَيْهِ وَلَا يجوز فعلهَا فَوَجَبَ أَن يكون مردودا وَيدل عَلَيْهِ هُوَ أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم احْتَجُّوا فِي الْإِبْطَال بِالنَّهْي رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ نِكَاح المشركات بَاطِل لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن}
وَأَيْضًا هُوَ أَن الْأَمر اقْتضى اشْتِغَال الذِّمَّة بِعبَادة متجردة عَن النَّهْي إِذْ لَا يجوز أَن يكون الْمنْهِي عَنهُ هُوَ الَّذِي ورد الْأَمر بِهِ فَإِذا فعل على الْوَجْه الْمنْهِي عَنهُ لم يَأْتِ بالمأمور بِهِ وَإِنَّمَا أَتَى بِغَيْرِهِ فَبَقيَ الْفَرْض فِي ذمَّته كَمَا كَانَ وَصَارَ بِمَنْزِلَة مَا لَو أَمر بِفعل الصَّلَاة فَأتى بِالصَّوْمِ
وَلِأَن الحكم بِصِحَّة الْعِبَادَة وإجزائها لِلْأَمْرِ الْمنْهِي عَنهُ لم يتَعَلَّق بِهِ الْأَمر فَلم يجز أَن يحكم لَهُ بِالصِّحَّةِ
وَاحْتَجُّوا بِأَن النَّهْي يَقْتَضِي قبح الْمنْهِي عَنهُ وقبحه لَا يدل على بُطْلَانه كَالطَّلَاقِ فِي حَال الْحيض وَالْوُضُوء بِالْمَاءِ الْمَغْصُوب
وَالْجَوَاب هُوَ أَن النَّهْي يَقْتَضِي معنى يدل على الْقبْح وَهُوَ أَن مَا يَفْعَله غير مَا ورد بِهِ الشَّرْع وَذَلِكَ يُوجب بُطْلَانه على مَا بَيناهُ
وَأما الطَّلَاق فِي حَال الْحيض وَالْوُضُوء بِالْمَاءِ الْمَغْصُوب فَإِنَّمَا حكمنَا بِصِحَّتِهَا