إحداكن طالق أو لعبيده أحدكم حر فالحكم الطلاق والعتاق وهو معلوم ومحلهما مجهول.
ومنها ما يكون المحكوم فيه معلوما والمحكوم له وبه مجهولين ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} 1 فالمحكوم فيه القتيل والمحكوم له الولى وهو مجهول وكذلك المحكوم به مجهول لأن السلطان مجهول في وصفه.
ومن وجوه الإجمال أن يكون اللفظ موضوعا لمعنيين أو أكثر وعلمنا أن المراد به أحد معانيه وهو مثل العين والقرء وسائر الألفاظ المشتركة.
ومن وجوه الإجمال أن يكون اللفظ بحيث لو فرض الاقتصار عليه لظهر معناه ولكنه وصله باستثناء مجهول فانسحب حكم الجهالة على اللفظ كقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} 2 وهذا لو قدر الاقتصار عليه لكان مفهوما عند من يدريه ثم قال: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} 3 فانعكس الإجمال على أول المقال.
ومن وجوه الإجمال أن يرد لفظ موضوعه في اللسان العموم ولكنا نعلم أن العقل ينافى جريانه على حكم العموم فمقتضى اللفظ على الإجمال إلى أن ينهى العاقل نظره العقلى.
322- وأما قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} 4 فقد تردد جواب الشافعي في أن قوله وأحل الله البيع من المجملات وسبب تردده أن لفظ الربا مجمل وهو مذكور في حكم الاستثناء عن البيع والمجهول إذا استثنى من المعلوم انسحب على الكلام كله إجمال.
والمرضى عندنا أن البيع الذي لا مفاضلة فيه بوجه من الوجوه مستفاد من قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} 5 بلا إجمال وكل صفة اشتملت على جهة من جهات الزيادات فالأمر فيها على الإجمال فإن الأمر يشعر بالزيادة ولا يحرم كل زيادة.
فهذا كاف في ذكر المجملات وهذا موضوع توطئة وترجمة والتفصيل محال على باب التأويلات.