أكثر من الجزء والخطوط المستقيمة الخارجة من مركز الدائرة إلى محيطها متساوية إلى غير ذلك من الأمثلة إلى تسمى المصادرات.
فإذا بنى المهندس على هذه المقدمات شكلا وركب عليها دعاوي وبرهنها بما يستند إلى تلك المقدمات فقد يحتاج في ترتيب الاستخراج إلى فكر طويل وإذا أحاط بما يبغيه فعلمه به على حسب علمه بالمقدمات وكذلك القول في العدديات.
ويقول المتكلم في الجسم الساكن إذا تحرك قد تجدد أمر لم يكن وهذا مهجوم عليه من غير نظر ثم إن استد فكره في جهة إثبات الأعراض قال هذا التجدد جائز أم لا فيفرض التقسيم بين النفى والإثبات ثم يفكر فيطيل فكره أو يقصره على التفاوت في احتداد القرائح وكلالها فيعلم من غير وسيلة ما يسمى دليلا أن الحكم بوجوب التحرك محال فيعلم الجواز ثم يعن له تقسيم آخر في أن ما علم جوازه يثبت لنفسه أم لا فيفكر كما تقدم فيتعين له أحد القسمين تعيينا ضروريا.
فهذا هو التردد في أنحاء الضروريات ولكنها لما انقسمت إلى مهجوم عليه وإلى ما يحتاج فيه إلى تقسيم وفكر سمى أحد القسمين نظريا والثاني ضروريا.
فإذا تقرر ذلك فالقول الضابط في مقصود الفصل أن كل ما يتجه فيه تقسيم مضبوط وينقدح تعيين أحدهما فهو الذي يتطرق العقل إليه وما لا ينضبط فيه التقسيم أو ينضبط ولا يهتدي العقل مع الفكر الطويل إلى تعيين أحدهما فهو من محارات العقل.
وبيان ذلك بمثالين: أحدهما: أن من أخذ يبغي جواز رؤية الباري سبحانه وتعالى: من النظر في أن مصحح الرؤية ماذا فهذا وقبيله لا يحصره النفي والإثبات فلا ينتهي النظر فيه قط إلى العلم.
وأما المثال الثاني: فهو أن من نظر وقد عن له تقسيم بين نفى وإثبات في أن الجوهر هل يجوز أن يخلو عن الألوان أم لا فهذا تقسيم منضبط ولكن العقل لا يعين أحد القسمين وإن تمادى فيه فكر العاقل أبد الآباد ومن أراد أن يأخذ ذلك من القياس على الأكوان فقد نأى عن مسلك العقل فليس في العقل قياس.
والتحقيق فيه: أن النظر الذي اقتضى استحالة العرو عن الأكوان إن قام في الألوان أغناك عن الاستشهاد بالأكوان فإذا لم يقم في الألوان فالعقل لا يحكم على الأكوان بحكم الألوان من غير بصيرة.