انفراده بتعديل أو جرح لما كان أهل العصر يعتبرون انضمام قول آخر إلى قول المعدل أو الجارح وهذا كله مرتبط بالثقة كما تقدم فإذا كان قول الواحد يفيد الثقة كفى وإذا كان الجارح الواحد يخرمها أفاد جرحه ردا أو توفقا.
563- فأما التعديل والجرح الواقعان ضمنا فلتقع البداية بالتعديل فمما عد في التعديل ضمنا إطلاق الرجل العدل الرواية عن الرجل من غير تعرض له بجرح أو تعديل فهذا مما اختلف في المحدثون والأصوليون:
فذهب ذاهبون إلى أن إطلاق الرواية تعديل ومنع آخرون ذلك والرأي فيه عندي التفصيل فإن ظهر من عادة ذلك الراوي الانكفاف عن الرواية عمن يتغشاه ريب واستبان أنه لا يروي إلا عن موثوق به فرواية مثل هذا الشخص تعديل وإن تبين من عادته الرواية عن الثقة والضعيف فليست روايته تعديلا وإن أشكل الأمر فلم يوقف على عادة مطردة لذلك الراوي في الفن الذي أشرنا إليه فلا يحكم بأن روايته تعديل وهذا من أصناف ما يعد تعديلا ضمنا.
564- ومما يذكر في هذا القسم عمل الراوي بما رواه مع ظهور إسناده العمل إلى الرواية وقد قال قائلون: إنه تعديل وقال آخرون: ليس بتعديل.
والذي أرى فيه أنه إذا ظهر أن مستند فعله ما رواه ولم يكن ذلك من مسالك الاحتياط فإنه تعديل وإن كان ذلك في سبيل الاحتياط لم يقض بكونه تعديلا فإن المتحرج قد يتوقى الشبهات كما يتوقى الجليات وهذا ينعطف أيضا على الثقة واعتبارها.
وهذا نجاز الكلام في هذا الفن.
مسألة:
565- قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه إذا لم نجد معتصما مقطوعا به في العمل بخبر الواحد قطع برده وإن لم يظهر له قاطع ناص في الرد وبنى ذلك على أن معتمدنا في العمل بأخبار الاحاد قطعا إجماع من قبلنا فحيث لا نجد قاطعا لا نحكم بالعمل إذ لو حكمنا به لكنا بانين القطع بالعمل على غير قاطع وهذا لا سبيل إليه.