672- ومقصود هذه المسألة سؤال وجواب عنه فإن قال قائل: قد أحدث ابن عباس رضي الله عنه أقوالا خالف بها اتفاق جملة الصحابة وما كان ابن عباس في ابتداء العصر من أهل الإجماع فعلى ماذا يحمل ذلك؟ قلنا: لا محمل لتسويغ هذا إلا شيئان.
أحدهما: أن يقدر الصحابة رضي الله عنهم على تردد إلى أن استقل ابن عباس وأظهر مذهبه وكذلك كانوا في معظم مسائل الفرائض فهذا وجه.
والوجه الثاني: أن يفرض وقوع تلك المسائل في زمن بلوغه مبلغ الاجتهاد وقد كان يجري ابن عباس مذهبه مجرى من يبدى احتمالا ولا يعتقده وحمل على ذلك مذهبه في المتعة وتخصيص الربا بالنسيئة وقال عيسى بن أبان خلاف ابن عباس ومن تابعه من علماء الصحابة غير معتبر أصلا وهذا على الإطلاق باطل فإن فصل فالوجه ما قدمناه.
مسألة:
673- فشا في لسان الفقهاء أن خارق الإجماع يكفر وهذا باطل قطعا فإن من ينكر أصل الإجماع لا يكفر والقول في التكفير والتبرؤ ليس بالهين ولنا فيه مجموع فليتأمله طالبه نعم من اعترف بالإجماع وأقر بصدق المجمعين في النقل ثم أنكر ما أجمعوا عليه كان هذا التكذيب آيلا إلى الشارع عليه السلام ومن كذب الشارع كفر.
والقول الضابط فيه: أن من أنكر طريقا في ثبوت الشرع لم يكفر ومن اعترف بكون الشيء من الشرع ثم أنكره كان منكرا للشرع وإنكار جزئه كإنكار كله والله أعلم.
نجز النصف الأول من كتاب البرهان بحمد الله المعين المستعان على يدي حاجبه كاتبه أبي زيد حمد بن جعفر بن بشار رحمه الله في النصف من شوال سنة إحدى وستمائة هجرية النبوية صلوات الله عليه بمحروسة دمشق حماها الله تعالى.
هذه خاتمة الجزء الأول من النسخة "د" .