المرضي، والقياس الكلي والجزئي ومن أراد إثبات أصل منازع ذي خاصية فإنه لا يلقى لما بينته نظيرا إن حاوله فإن حاول إثبات ذلك ولم يكن في ثبوته بد من أحد أمرين فإما أن يسنده إلى ثبت من قول الشارع وإما أن يتمسك بالاستدلال إن صح القول به ولو ثبت أصل ذو خاصية فأراد الناظر أن يثبت أصلا مشتملا على قريب من تلك الخاصية فهذا متقبل عند الشافعي في طريق القياس.
882- وبيان ذلك بالمثال: أن القراض مقتطع عن سائر المعاملات بخاصية فيه مقصودة وهو أنه لا يتأتي استنماء المال وتثميره من كل واحد منهما وإنما يعرفه من يعرف التجارات ووجهها ولو أثبت للمنصوب للتجارة أجرا معلوما وهو مستحق ربح أو خسر فقد لا يجد جده إذا كان لا يرقب لنفسه حظا من الربح فيثبت القراض مشتملا على الربح على حسب التشارط والتراضي.
فرأى الشافعي المساقاة في معنى القراض في خاصية القراض فاعتبرها به واحترز عن الإجارات في المزارع وغيرها ثم اعتبر ذلك بعد الاستظهار بالحديث الذي رآه نصا في المساقاة.
883- ثم أجرى في المسألة كلاما بدعا فقال: لم يعهد القراض في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول ما جرى هذا الضرب من المعاملة في زمن عمر رضي الله عنه في قضية مشهورة لابنيه رضي الله عنهما فقال الشافعي: لا ينقدح الإجماع من غير ثبت ولو كان في القراض خبر لذكر وعنى بنقله فلا معنى لجواز اعتقاده حقا بسبب أصل واحد من الأصول ولا سيما إذا كانت المعاملة عامة والحاجة فيها مطردة والناس كانوا يعتنون بنقل الأصول العامة على قضية واحدة ثم بعد مساق كلامه قال: لا أدري للقراض أصلا إلا ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المساقاة.
884- فإن قيل: هذا منه قلب لمجاري القياس فإن المختلف فيه يعتبر بالمتفق عليه والذي ذكره اعتبار المتفق عليه بالمختلف فيه.
قلنا: الشافعي يرسل تصرفه على قواعد الشريعة غير معرج على موضع الوفاق والخلاف ثم ما ذكره ليس بقياس وإنما هو يتعلق على حصول الغرض بمسلك أصولي لا يهتدي إليه غيره فإنه أثبت أن الإجماع لا يعقد هزلا ثم مزجه بمآخذ العادات وهي من أعظم القواعد في أصول الشريعة وما يتعلق بالنقل وعدم النقل.
885- ومما ينبغي أن يتنبه الناظر له قبل الكلام في تحرير المسائل وضرب الأمثال: