فقيه يتضمن تنزيل الكتابة الفاسدة منزلة الكتابة الصحيحة فإن الذي لا يتمارى فيه الناظر في الدرجات الأول من نظره أن الفاسد ليس مطلقا للشرع والأحكام تثبت إذا جرت أسبابها موافقة الشرع ويهون على الرشيد الفطن تقرير خروج الكتابة الفاسدة في نزولها منزلة الكتابة الصحيحة عن القياس المعنوي والاعتبار الكلي وإذا فعل ذلك انحسم مطمع الخصم في قياس المعنى وآل النظر إلى التشبيه.
939- فإن تفطن الخصم وسلم انحسام المعنى واجتزأ بالتشبيه وقال: البيع الفاسد بالإضافة إلى الصحيح في تشبيه الكتابة الفاسدة بالإضافة إلى الصحيحة ولا يلتزم إبداء معنى في الأصل وإظهاره في الفرع.
فعلى الناظر في ذلك وقفة وإمعان نظر فيما يدرأ هذا المسلك وهو النقض الصريح فإن لم ننزل كل فاسد منزلة الصحيح إذ النكاح الفاسد ليس كالصحيح في إثبات حق لا على جواز ولا على لزوم وأقرب من ذلك البيع نفسه فإن فاسده من غير قبض لم ينزل منزلة صحيحة والتشبيه شرطه الطرد وأحق قياس بالبطلان والنقض قياس الشبه فإن المتمسك بالمعنى قد يعن له طرد المعنى ما لم يمنعه مانع وأما الشبه فقصاراه ظن على بعد فإذا عارضه نقض وهى وانحل.
فهذا فن من الكلام واقع يضطرهم إلى النزول عن الشبه والترقي إلى معنى وعن هذا قالوا: ما اتسع طرقه فالفاسد أحد طرقه وزعموا أن الاتساع يشعر بإحلال الفاسد محل الصحيح ومهما اضطروا إلى المعنى وحاولوه افتضحوا واجترءوا ولا يكاد يخفى إبطال هذا المسلك وما في معناه فإذا بطل الجمع المعنوي وانتقض الشبه لم يبق لمتمسكهم بالكتابة الفاسدة وجه.
940- ومما نذكره في ذلك أن الكتابة الفاسدة في وضعها مخالفة للبيع الفاسد على رأى المخالف فإن المكاتب كتابة فاسدة يتسلط على أكسابه بنفس العقد تسلطا صحيحا وتنفذ تصرفاته فيها على الصحة نفوذها في الكتابة الصحيحة وليس البيع الفاسد كذلك وإن اتصل بالقبض وهذا يستعمل أيضا في معرض النقض المعنوي.
941- ومن دقيق القول في ذلك أن تحصيل العتاقة بوجود الصفة مما يجب القضاء بصحته فإن تعليق العتاقة على أداء العوض الفاسد صحيح وإن فسد العوض ثم التعليق إذا صح فقياسه ألا يرفع وأثر فساد الكتابة في رفع وجوب التعليق وهذا.