يقرره بأن نفوذ العتق لو قبل منه أدى إلى قطع حق لازم للمرتهن في عين الرهن فإذا كفى هذا فأي حاجة إلى التعرض لقطع المالية وحسم الطلب في القيمة يوشك لو تفطن الفارض أنه يقع في المحذور الذي نبهنا عليه الآن وهو النطق بما لا اعتناء به ولا وقع له.
فإن قال قائل: ما المانع من ازدحام علتين في هذه الصورة إحداهما قطع المالية بالكلية والثانية قطع حق المرتهن عن العين المخصوصة فيكون امتناع النفوذ معللا بعلة خاصة وهي قطع المالية وأخرى عامة وهي قطع الحق عن عين العبد فإن هذا مما يعم الموسر والمعسر وإنما تتبعنا هذا الكلام مع فوائد جمة لهذا الغرض.
1009- ونحن نقول: هذا ليس بشيء فإن المالية ليست مرعية في حق المرتهن وإنما المعتبر حق استيثاقه بعين يتمسك به إذا اعترض له توقعات العسر في الذي يقع في الذمم وهو يأنس مستوثقا بالعين التي استمسك بها فهذا غرض الرهن وإذا لم يكن الراهن مطالبا بالدين فقد خرج عن مقصود الرهن ولهذا السر لا يجوز رهن الدين نعم لو فرض من الراهن إتلاف الرهن فالشرع يتقاضاه أن يقيم قيمته مقامه إذ مسلك الشرع إثبات الضمان جبرانا لكل فائت فلا ينبغي أن تعد قضايا الشرع في مظان الضرورات من القضايا الوضعية في تأسيس الأصول.
وهذا يناظر عندي مسلكين في توزيع العوض على مختلفين في أحد شقى العقد عند مسيس الحاجة في شفعة لو فرض تلف أحد العوضين.
1010- وقد زل جماهير الفقهاء فاعتقدوا التوزيع مقصود العقد كما نبهت عليه في مسألة العجوة في "الأساليب" وهذا زلل في سوء مدرك فإن العقد ما انبنى على التوزيع وإنما هو أمر ضروري أحوج إثبات الشفعة إليه وهو إذ ذاك أقرب معتبر.
1011- وإن اعتقد الفارض في الراهن المعسر الفصل بينه وبين الموسر صار إلى أن الراهن إذا كان موسرا نفذ عتقه ويلزمه إحلال القيمة محل العبد وإن كان معسرا لا ينفذ عتقه لتعذر تغريمه وإفضاء الإعتاق فيه لو قدر نفوذه إلى إبطال اختصاص المرتهن باستيثاقه بالكلية وشبه ذلك بتفصيل مذهبه في تسرية عتق الشريك إذا كان موسرا ومنع تسريته إذا كان معسرا فاتحاد العلة على هذا المذهب أوضح فإن صاحبه متشوف إلى اعتبار انقطاع علقة المرتهن من غرض الوثيقة بالكلية وليس لبطلان حق المرتهن من غير الراهن عنده وقع أصلا ولذلك يبعد عتق الموسر.