الراهن فلم ينتظم على المسلكين علتان عامة وخاصة في صورة الفرض.
1012- ومما نجريه مثالا في ذلك أن الشافعي رحمه الله إذا فرض من هو على مذهبه الكلام في مسألة ضمان المنافع في طرف الإتلاف وطرد ما يرتضيه فيه فقد يعتقد الفطن أنه يجتمع في هذا الفرض معنيان.
أحدهما: الإقدام على الإتلاف وهو من أقوى أسباب الضمان ولذلك اختار الفارض تعيين هذا الطرف وتخصيصه بالكلام المختص به وقد اجتمع فيه الإتلاف والتلف تحت اليد العادية وهذا أقرب مسلك في تخيل اجتماع معنيين لحكم واحد.
1013- ونحن نقول فيه: العلة في الضمان الإتلاف في هذه الصورة فحسب فإن التلف الحاصل تحت اليد العادية إنما يضمن من جهة اعتداء ذي اليد ومنعه الحق مستحقه فصار الضياع الذي وقع مساويا في أطراد منع المعتدى مشبها بالإتلاف فإذا تحقق الإتلاف لم يبق لتخيل التلف على دوام المنع المشبه بالإتلاف معنى والإتلاف هو المشبه به واعتقاد اجتماع المشبه والمشبه به في صورة واحدة محال.
1014- وأنا أشبه هذا المساق من الكلام بمسألة أصولية ذكرناها في أوائل هذا المجموع وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" 1 فقد ذهب ذاهبون إلى أن الصيغة عامة في نفي الكمال والجواز وهذا زلل فإن العموم إنما يتحقق إذا أمكن اعتقاد اجتماع المسميات تحت قضية اللفظ المقدر عاما حتى يكون اللفظ شاملا لها وهذا لا يتحقق فيما فيه الكلام فإن الجواز إذا انتفى لم يتحقق مع انتفائه تخيل نفى الكمال إذ من ضرورة نفى الكمال إجزاء الشيء وجوازه على حكم النقصان وقد قررنا ذلك بما فيه أكمل مقنع.
1015- وقد تبين بمجموع ما ذكرناه في تقاسيم الفرض أنه لا يكاد يجتمع معنيان وقوعا يصلح كل واحد منهما لتعليل الحكم الواحد ولكن إن لم يقع هذا ولم يتفق فليس في العقل عند النظر في قواعد الشرع بالتعبد ما يحيل ذلك.
ولو قدرنا وقوع هذا المجوز لما اقتضى انتفاؤه معنى عدم الحكم إذ الحكم في هذا التقدير مستقل بما بقى من المعاني فليس إشعار عدم المعنى بانتفاء الحكم على