الإشعار بالعكس عن الإشعار بالطرد.
على أنا ذكرنا أن الطرد لا ينقطع بمواقع الاستثناء أصلا ومن اعتقد انقطاعه فقوله أقرب من قول من يصير إلى عدم الانعكاس متضمن بطلان الطرد.
فليفهم الناظر ما يلقى إليه من تفاوت المراتب في مآخذ النظر إن كانت مستوية في عقده.
ولهذا المعنى نقول: إذا اعترضت مسألة على مناقضة الطرد غير معللة فعلى المتمسك بالعلة أن يبين خروج المسألة المعترضة عن المعللات والتحاقها بالمستثنيات في أدب الجدل وليس على من ألزم عدم الانعكاس أن يبين السبب التوقيفي المانع من الانعكاس فإن ذلك لو فرض الخوض فيه كان داعية إلى انتشار الكلام والخروج عن الضبط الجدلي وإن كنا نرى أن العلل غير مجتمعة وقوعا وعلى المجتهد فيها أن يبحث عن طرق المناظر في الطرد والعكس وليس كل ما يلتزمه المجتهد في ترددات اجتهاده يذكره في مفاوضة من يناظره.
1019- فإن قيل: هل يسوغ أن يضع المستدل كلامه مبنيا على الدعاء إلى العكس؟
قلنا: لا يستقل في هذا كلامه المطلق بل يحتاج إلى أن يقرر معناه ويبين فساد ما عداه مما انتحله الخصم وادعاه ثم يشير إلى انتفاء التوقيف المانع من الوفاء بالعكس فينتظم من مجموع ذلك الدعاء إلى العكس لما ذكرناه من الإشعار الخفي به وعليه يخرج التعلق بالعلة القاصرة حيث يصح ويظهر بطلان ما يقدر متعديا فيدعو المتمسك بالعلة القاصرة خصمه إلى الوفاء بمقتضى العكس وسيكون لنا إلى ذلك عودة إن شاء الله تعالى عند الكلام في العلة القاصرة.
فهذا هو الذي أردنا إيراده في حقائق العكس في هذا المقام وقد يخرج ذلك في الاستدلال أيضا.
وكل ما ذكرناه معدود عند أصحاب الجدل من عدم التأثير في الوصف.