1070- ثم الفرق والجمع إذا ازدحما على فرق فاصل في محل النزاع فالمختار فيه اتباع الإخالة فإن كان الفرق أخيل أبطل الجمع وإن كان الجمع أخيل سقط الفرق وإن استوى أمكن أن يقال: هما كالعلتين المتناقضتين إذا ثبتا على صيغة التساوي وأمكن أن يقال: الجمع مقدم من جهة وقوع الفرق بعده غير مناقض له والجامع يقول: لم ألتزم انسداد مسالك الفرق كما ذكره الذين ردوا الفرق فالأوجه اتجاهه ووجوب الجواب عنه.
1071- فإن قيل: هلا قلتم: الفرق يشتمل على معارضة معنى الأصل ثم معارضة العلة بعلة مستقلة في جانب الفرع فهو على التحقيق سؤالان؟ قلنا: قد قال بقبول المعارضة كل معتبر عليه معول ومضى في معارضة معنى الأصل ما فيه مقنع والكلام في الفرق وراء ذلك فإنه ينتظم من مجموع كلام الفارق فقه يناقض قصد الجامع وهو خاصية الفرق وسره ومن رد الفرق لا يرد المعارضة بل يرد خاصية الفرق.
1072- وحاصل القول في مذاهب الجدليين يئول إلى ثلاثة مذهب:
أحدها: رد الفرق جملة وإنما يستمر هذا المذهب مع المصير إلى رد المعارضة في جانبي الأصل والفرع جميعا وخاصية الفرق مردودة هذا عند القائل بما سبق تقريره من أن الجامع إذا استمر جمعه لم يحتفل بالافتراق في وجه لم يقع له التعرض ورد الفرق على الإطلاق يستند إلى إبطال المعارضة في الأصل والفرع وعدم المبالاة بوقوع الفرق من وجه بعد استمرار الجمع من الجهة التي أرادها الجامع.
فهذا مذهب وهو عند المحصلين ساقط مردود.
1073- والمذهب الثاني: وهو معزو إلى ابن سريج وهو مختار الأستاذ أبي إسحاق رحمه الله: أن الفرق ليس سؤالا على حياله واستقلاله وإنما هو معارضة معنى الأصل بمعنى ومعارضة العلة التي نصبها المسئول في الفرع بعلة مستقلة ومعارضة العلة بعلة مقبولة فإن تردد المترددون في معارضة معنى الأصل فالفرق عند هذا القائل آيل إلى ما ذكره والمقبول منه المعارضة وقد مضى القول بالغا في قبول المعارضة.
1074- والمذهب الثالث: وهو المختار عندنا وارتضاه كل من ينتمي إلى التحقيق من الفقهاء والأصوليين أن الفرق صحيح مقبول وهو وإن اشتمل على معارضة معنى الأصل ومعارضته علة الفرع بعلة فليس المقصود منه المعارضة وإنما الغرض منه مناقضة الجمع.