على النهاية ولكنه غير خبير بأصول الشريعة وهي في حقه منقسمة إلى أصل جهله أو أغفله وذهل عنه وإلى آخر تمسك به وما رعاه وما عقله وانتهض لتبويب الأبواب انتهاض من لم يستمد من القواعد ومن عجيب أمره أنه لم يعتن بجمع الأخبار والآثار ليبني عليها مسائله ولكنه يوصل الفروع بناء على ما يراه ثم يستأنس بما يبلغه وفاقا.
1181- وأما الإمام مالك فلا يشق غباره في ضبط ما يصح من الأخبار والآثار والأقضية ووقائع الصحابة ولا يدرك آثاره في درك سبل الصحابة والطرق التي منها يتطرق الخلل وإمكان الزلل إلى النقلة فقد كان يقول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت بعدد أساطين هذا المسجد من يقول: حدثني أبي فلان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أستجز أن أروى عنهم حديثا.
فقيل له أكنت لا تثق بهم فقال كنت لا أتهم صدقهم ولو نشروا بالمناشير ما كذبوا على رسول الله عليه السلام ولكن لم يكونوا من أهل هذا الشأن.
ولكنه ينحل بعض الانحلال في الأمور الكلية حتى يكاد أن يثبت في الإيالات والسياسات أمورا لا تناظر قواعد الشريعة وكان يأخذها من وقائع وأقضية لها محامل على موافقة الأصول بضرب من التأويل فكان يتمسك بها ويتخذها أصولا ويبنى عليها أمورا عظيمة.
كما روى أن عمر رضي الله عنه قال للمغيرة: وكان قد أخذ قذاة من لحيته فظن عمر به استهانة فقال: أبن ما أبنت وإلا أبنت يدك.
ونقل عنه مشاطرة خالد وعمرو بن العاص1 على أموالهما فاتخذ ذلك أصلا فرأى إراقة الدم وأخذ أموال بتهم من غير استحقاق لمصالح إيالية حتى انتهى إلى أن قال: أقتل ثلث الخلق في استبقاء ثلثيهم.
وكان من الممكن أن يحمل قول عمر رضي الله عنه2 على التغليظ بالقول