لا يبلغ آحادهم مبلغ راوي الخبر الآخر في الثقة والعدالة فاجتمع مزية الثقة وقوة العدد فمن أهل الحديث من يقدم مزية العدد ومنهم من يقدم مزية الثقة.
والمسألة لا تبلغ مبلغ القطع والغالب على الظن التعلق بمزية الثقة إذا ظهرت فإن الغالب على الظن أن الصديق رضي الله عنه لو روى خبرا وروى جمع على خلافه خبرا لكان الصحابة يؤثرون رواية الصديق.
ومأخذ الكلام في جميع هذه الفنون واحد فليرجع الناظر إلى المعتبر الممهد أصلا وتفصيلا وليميز مواقع القطع من الظن.
مسألة:
في تقديم أحد الخبرين على الآخر بموافقة أقضية الصحابة رضي الله عنهم.
1204- القول في حقيقة هذه المسألة يستدعى مقدمة من كتاب الإجماع فنقول: إن اجتمع علماء العصر على مذهب واستمر الإجماع على الشرائط المرعية فلا يبقى للتعلق بالخبر والحالة هذه وقع فإن الخبر إن كان منقولا آحادا فلا خفاء بما ذكرناه.
ولو فرضنا خبرا متواترا وقد انعقد الإجماع على خلافه فتصويره عسر فإنه غير واقع ولكنا على التقدير نقول لو فرض ذلك فالتعلق بالإجماع أولى فإن الأمة لا تجتمع على الضلالة ويتطرق إلى الخبر إمكان النسخ فيحمل الأمر على ذلك قطعا لا وجه غيره ونقطع بهذا.
1205- فإن قيل: الخبر المتواتر النص من الأدلة القاطعة وكذلك الإجماع فلم قدمتم الإجماع؟.
قلنا: لأن الخبر عرضة لقبول النسخ والإجماع لا ينعقد متأخرا إلا على قطع فلا يتصور حصول الإجماع على باطل وتطرق النسخ إلى الخبر ممكن فالوجه حمل الإجماع على القطع الكائن وحمل الخبر على مقتضى النسخ استنادا أو تنبيها على تقدير استثناء والمستحيل حصول الإجماع على حكم مع خبر نص على مناقضته مع الإجماع على أنه غير منسوخ فهذا مما لا يتصور وقوعه حتى يتكلم فيه في تقديم أو تأخير وإنما الكلام في خبر مطلق.
ثم الذي أراه أن من ضرورة الإجماع على مناقضه الخبر النص المتواتر أن