باب في ترجيح الأقيسةمراتب قياس المعنى...باب: في ترجيح الأقيسة.
1252- هذا الباب هو الغرض الأعظم من الكتاب وفيه تنافس القياسون وفيه أتساع الاجتهاد وهو يستدعي تجديد العهد بمراتب الأقيسة فنقول:
المرتبة العليا المعدودة من مسالك القياس ما يقال: إنه في معنى الأصل وقد سبق تأصيله وتفصيله وتقدم القول في أنه: هل يعد من الأقيسة أو يعد من مقتضيات الألفاظ وهو على كل حال مقدم على ما بعده.
والسبب فيه أنه ملتحق بأصله قطعا والتحاقه به مقطوع غير مظنون ولا شك في تقديم مراتب العلوم على درجات الظنون ثم يلي ذلك من قياس المعنى ما يطرد وينعكس ويليه القياس الذي يسمى قياس الدلالة كما سبق وصفه ويلي ذلك قياس الشبه فأما ما يعلم فلا ترتيب فيه.
مراتب قياس المعنى.
1253- وأما قياس المعنى فهو على مراتب لا يضبطها ضابط فإن مسالك الظنون لا يتأتى حصرها وهي وإن كانت منحصرة من جهة تعيين مناسبتها لأصولها الشريعة فلا يتأتى للناظر الوصول إلى ضبطها بعد وربطها بحد ولكنا نحرص على تقريب الأمور والإشراف على ما يكاد أن يكون تشوفا إلى الضبط ونتقي فيما نحاوله مصالح لا نرى تقدير ها مأخذ الأحكام ونحاذر فيها الوقوع في منخرق مذهب مالك ومتسع مسلكه المفضى إلى الخروج عن الحصر والضبط.
ثم قد ذكرنا في الاستدلال طرفا من ذلك ونحن نعيده ونزيده تقريرا وتقريبا فنقول:
1254- إذا وجدنا أصلا استنبطنا منه معنى مناسبا للحكم فيكفي فيه ألا يناقضه أصل من أصول الشريعة ويكفي في الضبط فيه استناده إلى أصل متفق الحكم ومرجوعنا في ذلك وجداننا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسترسلين في استنباط المصالح من أصول الشريعة من غير توقع وقوف عند بعضها.
1255- فأما المعنى الذي لا نجد له أصلا ولا مستندا فهو الذي سميناه الاستدلال ونحن نرى التعلق به كما مهدنا القول فيه.